للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ نَحْوُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَاسْتَحَبَّ الْحَنَفِيَّةُ أَنْ يَكُونَ فِي إِحْدَاهَا ثَوْبٌ حِبَرَةٌ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ جَابِرٍ: " «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ وَبُرْدِ حِبَرَةٍ» " وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، لَكِنْ رَوَى مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُمْ نَزَعُوهَا عَنْهُ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَتَكْفِينُهُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ أَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي كَفَنِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا أَثْبَتُ حَدِيثٍ فِي كَفَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ: " «لُفَّ فِي بُرْدِ حِبَرَةٍ جُفِّفَ فِيهِ، وَنُزِعَ عَنْهُ» " وَحَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " «كَانَ أَحَبَّ الثِّيَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِبَرَةُ» " وَهِيَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مَا كَانَ مِنَ الْبُرُودِ مُخَطَّطًا لَا دَلَالَةَ فِيهِ ; لِأَنَّ كَوْنَهُ أَحَبَّ فِي حَالِ الْحَيَاةِ لَا يَقْتَضِي أَحَبِّيَّتَهُ فِي الْكَفَنِ (سُحُولِيَّةٍ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَلَامٍ، وَيُرْوَى بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، نِسْبَةً إِلَى سَحُولٍ قَرْيَةٌ بِالْيَمَنِ، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ بِالْفَتْحِ الْمَدِينَةُ وَبِالضَّمِّ الثِّيَابُ، وَقِيلَ النِّسْبَةُ إِلَى الْقَرْيَةِ بِالضَّمِّ، وَأَمَّا الْفَتْحُ فَنِسْبَةً إِلَى الْقَصَّارِ ; لِأَنَّهُ يَسْحَلُ الثِّيَابَ أَيْ يُنَقِّيهَا قَالَهُ الْحَافِظُ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ، انْتَهَى.

زَاد الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ هِشَامٍ مِنْ كُرْسُفٍ بِضَمِّ الْكَافِ وَالسِّينِ أَيْ قُطْنٍ، وَبِهِ رُدَّ تَفْسِيرُ ابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ السُّحُولَ بِالْقُطْنِ (لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ) مَعْدُودَانِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّلَاثَةِ بَلْ زَائِدَانِ عَلَيْهَا فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ بِاسْتِحْبَابِهِمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَاهُ لَمْ يَكُنْ مَعَ الثَّلَاثَةِ شَيْءٌ غَيْرُهَا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ بِعَدَمِ اسْتِحْبَابِهِمَا، وَإِنَّمَا هُوَ جَائِزٌ، وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ بِالْكَرَاهَةِ، وَالنَّفْيُ فِي الْحَدِيثِ نَحْوَ مَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [الرعد: ٢] (سُورَةُ الرَّعْدِ: الْآيَةُ ٢) أَيْ بِغَيْرِ عَمَدٍ أَصْلًا أَوْ بِعَمَدٍ غَيْرِ مَرْئِيَّةٍ. وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: مَعْنَاهُ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ جَدِيدٌ أَوْ غُسِّلَ فِيهِ أَوْ كُفِّنَ فِيهِ أَوْ مَلْفُوفُ الْأَطْرَافِ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الثَّلَاثَةُ عَنْ قُتَيْبَةَ كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ السُّفْيَانَانِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُمْ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ بِنَحْوِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>