للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ يُقَالُ لَهُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

ــ

٥٦٤ - ٥٦٦ - (مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ» ) أَيْ فِيهِمَا، قَالَ الْبَاجِيُّ: الْعَرْضُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى حَيٍّ يَعْلَمُ مَا يُعْرَضُ عَلَيْهِ وَيَفْهَمُ مَا يُخَاطَبُ بِهِ، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ غَدَاةً وَاحِدَةً وَعَشِيَّةً وَاحِدَةً، وَيَحْتَمِلُ كُلَّ غَدَاةٍ وَكُلَّ عَشِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: يَحْتَمِلُ غَدَاةً وَاحِدَةً وَعَشِيَّةً وَاحِدَةً يَكُونُ الْعَرْضُ فِيهِمَا، وَيَكُونُ مَعْنى حَتَّى يَبْعَثَكَ أَيْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ، وَيَحْتَمِلُ كُلَّ غَدَاةٍ وَعَشِيٍّ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ يُحْيَا مِنْهُ جُزْءٌ لِيُدْرِكَ ذَلِكَ، فَغَيْرُ مُمْتَنِعٍ أَنْ تُعَادَ الْحَيَاةُ إِلَى جُزْءٍ مِنَ الْمَيِّتِ أَوْ أَجْزَاءٍ، وَتَصِحُّ مُخَاطَبَتُهُ وَالْعَرْضُ عَلَيْهِ، قَالَ الْحَافِظُ: وَالْأَوَّلُ مُوَافِقٌ لِأَحَادِيثِ سِيَاقِ الْمَسْأَلَةِ وَعَرْضُ الْمَقْعَدَيْنِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: يَجُوزُ أَنَّ هَذَا الْعَرْضَ عَلَى الرُّوحِ فَقَطْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مَعَ جُزْءٍ مِنَ الْبَدَنِ، قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ وَقْتُهُمَا وَإِلَّا فَالْمَوْتَى لَا صَبَاحَ عِنْدَهُمْ وَلَا مَسَاءَ، قَالَ: وَهَذَا فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ وَاضِحٌ، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ الْمُخَلِّطُ فَمُحْتَمَلٌ أَيْضًا فِي حَقِّهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فِي الْجُمْلَةِ ثُمَّ هُوَ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الشُّهَدَاءِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فَائِدَةُ الْعَرْضِ فِي حَقِّهِمْ تَبْشِيرُ أَرْوَاحِهِمْ بِاسْتِقْرَارِهَا فِي الْجَنَّةِ مُقْتَرِنَةً بِأَجْسَادِهَا فَإِنَّ فِيهِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مَا هِيَ فِيهِ الْآنَ.

(إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) اتَّحَدَ فِيهِ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ لَفْظًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ، قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ: التَّقْدِيرُ: فَمَقْعَدٌ مِنْ مَقَاعِدِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ إِذَا اتَّحَدَا لَفْظًا دَلَّ عَلَى الْفَخَامَةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَرَى بَعْدَ الْبَعْثِ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ مَا يُنْسِيهِ هَذَا الْمَقْعَدَ، انْتَهَى. وَعِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ: إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَالْجَنَّةُ، أَيْ فَالْمَعْرُوضُ الْجَنَّةُ.

(وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ) أَيْ فَمَقْعَدُهُ مِنْ مَقَاعِدِ أَهْلِهَا يُعْرَضُ عَلَيْهِ أَوْ يَعْلَمُ بِالْعَكْسِ مِمَّا يُسَرُّ بِهِ أَهْلُ الْجَنَّةِ ; لِأَنَّ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ طَلِيعَةُ تَبَاشِيرِ أَهْلِ السَّعَادَةِ الْكُبْرَى وَمُقَدِّمَةُ تَبَارِيحِ الشَّقَاوَةِ الْعُظْمَى، وَفِي ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>