وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجَنَازَةٍ فَقَالَ مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ قَالَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ»
ــ
٥٧١ - ٥٧٣ - (مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (بْنِ حَلْحَلَةَ) بِحَاءَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَلَامَيْنِ أُولَاهُمَا سَاكِنَةٌ وَالثَّانِيَةُ مَفْتُوحَةٌ، زَادَ ابْنُ وَضَّاحٍ (الدِّيلِيِّ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ، الْمَدَنِيِّ (عَنْ مَعْبَدِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَمُوَحَّدَةٍ (بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ) الْأَنْصَارِيِّ السُّلَمِيِّ الْمَدَنِيِّ (عَنْ أَبِي قَتَادَةَ) الْحَارِثِ، وَيُقَالُ: عَمْرٌو، وَيُقَالُ: النُّعْمَانُ (بْنُ رِبْعِيٍّ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ، السُّلَمِيِّ الْمَدَنِيِّ، شَهِدَ أُحُدًا وَمَا بَعْدَهَا، وَلَمْ يَصِحَّ شُهُودُهُ بَدْرًا، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَكَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّآتِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَأَخْطَأَ فِيهِ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ: عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ (أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرَّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الرَّاءِ (عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ: مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ) قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: يُقَالُ أَرَاحَ الرَّجُلُ وَاسْتَرَاحَ إِذَا رَجَعَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ بَعْدَ الْإِعْيَاءِ، انْتَهَى. وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَهِيَ لِلتَّنْوِيعِ أَيْ لَا يَخْلُو ابْنُ آدَمَ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ فَلَا يَخْتَصُّ بِصَاحِبِ الْجِنَازَةِ.
(قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟) وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ بِإِعَادَةِ مَا (قَالَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ) الْمُتَّقِي خَاصَّةً أَوْ كُلُّ مُؤْمِنٍ (يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا) بِفَتْحَتَيْنِ تَعَبُهَا وَمَشَقَّتُهَا (وَأَذَاهَا) وَهُوَ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ (إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ) تَعَالَى. قَالَ مَسْرُوقٌ: مَا غَبَطْتُ شَيْئًا لِشَيْءٍ كَمُؤْمِنٍ فِي لَحْدِهِ أَمِنَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَاسْتَرَاحَ مِنَ الدُّنْيَا.
(وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ) الْكَافِرُ أَوِ الْعَاصِي (يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ) أَيْ مِنْ ظُلْمِهِ لَهُمْ، وَقَوْلُ الدَّاوُدِيِّ لِمَا يَأْتِي بِهِ مِنَ الْمُنْكَرِ: فَإِنْ أَنْكَرُوا آذَاهُمْ وَإِنْ تَرَكُوهُ أَثِمُوا، رَدَّهُ الْبَاجِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَأْثَمُ تَارِكُ الْإِنْكَارِ إِذَا نَالَهُ أَذًى وَيَكْفِيهِ أَنْ يُنْكِرَ بِقَلْبِهِ.
(وَالْبِلَادُ) بِمَا يَفْعَلُهُ فِيهَا مِنَ الْمَعَاصِي فَيَحْصُلُ الْجَدْبُ فَيَهْلَكُ الْحَرْثُ وَالنَّسْلُ أَوْ لِغَصْبِهَا وَمَنْعِهَا مِنْ حَقِّهَا.
(وَالشَّجَرُ) لِقَلْعِهِ إِيَّاهَا غَصْبًا أَوْ غَصْبِ ثَمَرِهَا (وَالدَّوَابُّ) لِاسْتِعْمَالِهِ لَهَا فَوْقَ طَاقَتِهَا وَتَقْصِيرِهِ فِي عَلْفِهَا وَسَقْيِهَا. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَمَّا اسْتِرَاحَةُ الْبِلَادِ وَالْأَشْجَارِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِفَقْدِهِ يُرْسِلُ السَّمَاءَ مِدْرَارًا وَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ وَالشَّجَرَ وَالدَّوَابَّ بَعْدَمَا حَبَسَ بِشُؤْمِ ذُنُوبِهِ الْأَمْطَارَ، لَكِنَّ إِسْنَادَ الرَّاحَةِ إِلَيْهَا مَجَازٌ، إِذِ الرَّاحَةُ إِنَّمَا هِيَ لِمَالِكِهَا، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَمُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute