للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَبْدِ الْبَرِّ وَعِيَاضٌ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَالَ نِصَابَ الزَّكَاةِ عَلَى أَمْرٍ مَجْهُولٍ وَهُوَ مُشْكِلٌ، قَالَ عِيَاضٌ: وَالصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَى مَا نُقِلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْهَا مِنْ ضَرْبِ الْإِسْلَامِ وَكَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْوَزْنِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَدَدِ، فَعَشَرَةُ مَثَاقِيلَ وَزْنُ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَعَشَرَةٌ وَزْنُ ثَمَانِيَةٍ، فَاتَّفَقَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ تُنْقَشَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَيَصِيرَ وَزْنُهَا وَزْنًا وَاحِدًا، وَقَالَ ابْنُ زُرْقُونَ: إِنَّمَا أَوْجَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزَّكَاةَ فِي أَوَاقٍ مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يُوجِبْهَا فِي دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ، فَلَا يَضُرُّ أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ مُخْتَلِفَةً ; إِذِ الِاعْتِبَارُ بِالْأُوقِيَّةِ الْمَعْلُومَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُمَا: لَمْ يَتَغَيَّرِ الْمِثْقَالُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ، وَأَمَّا الدَّرَاهِمُ فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ عَشَرَةُ دَارَهِمَ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي أَنَّ نِصَابَ الزَّكَاةِ مِائَةُ دِرْهَمٍ يَبْلُغُ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ مِثْقَالًا مِنَ الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ إِلَّا ابْنُ حَبِيبٍ فَانْفَرَدَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ أَهْلَ كُلِّ بَلَدٍ يَتَعَامَلُونَ بِدَرَاهِمِهِمْ. وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ اخْتِلَافًا فِي الْوَزْنِ بِالنِّسْبَةِ لِدَرَاهِمِ الْأَنْدَلُسِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْبِلَادِ، وَخَرَقَ بَعْضُهُمُ الْإِجْمَاعَ فَاعْتَبَرَ النِّصَابَ بِالْعَدَدِ لَا بِالْوَزْنِ. (وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) جَمْعُ وَسْقٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا، وَجَمْعُهُ عَلَى الْكَسْرِ أَوْسَاقٌ، وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: كَحَمْلٍ وَأَحْمَالٍ، وَهُوَ سِتُّونَ صَاعًا بِاتِّفَاقٍ، وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا. (صَدَقَةٌ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: " «وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ تَمْرٍ وَلَا حَبٍّ صَدَقَةٌ» ". قَالَ عِيَاضٌ: وَذِكْرُ الْأَوْسُقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْخُضَرِ ; لِأَنَّهَا لَا تُوسَقُ. وَلَفْظُ دُونَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ بِمَعْنَى أَقَلَّ ; لِأَنَّهُ نَفَى عَنْ غَيْرِ الْخَمْسِ الصَّدَقَةَ، كَمَا زَعَمَ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ وَأَنَّ دُونَ بِمَعْنَى غَيْرِ، فَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِهَا فِي الثَّلَاثَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْحَدِيثِ لِلْقَدْرِ الزَّائِدِ عَلَى الْمَحْدُودِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا فِي الْأَوْسُقِ عَلَى أَنَّهُ لَا وَقْصَ فِيهَا، وَكَذَا الْفِضَّةُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا شَيْءَ فِيمَا زَادَ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعِينَ، فَجَعَلَ لَهَا وَقْصًا كَالْمَاشِيَةِ. وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ الطَّبَرِيُّ بِالْقِيَاسِ عَلَى الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ، وَالْجَامِعُ كَوْنُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يُسْتَخْرَجَانِ مِنَ الْأَرْضِ بِكُلْفَةٍ وَمَؤُونَةٍ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَمَا زَادَ. وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ، وَأَبُو دَاوُدَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ كِلَيْهِمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ جُرَيْجٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، كُلُّهُمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بِهِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَهُوَ صَحِيحٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى جَمَاعَةٌ مِنْ جِلَّةِ الْعُلَمَاءِ احْتَاجُوا إِلَيْهِ فِيهِ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ أَبِيهِ جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَأْتِ مِنْ وَجْهٍ لَا مَطْعَنَ فِيهِ وَلَا عِلَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِهِ عَمْرٍو عَنْهُ، وَمِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْهُ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ: لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ غَيْرُ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْأَغْلَبُ إِلَّا أَنِّي وَجَدْتُهُ مِنْ رِوَايَةِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>