وَعِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ، وَقَالَ فِي كِتَابِهِ التَّنْبِيهَاتِ: هَكَذَا قَيَّدَهُ النَّاسُ وَكَذَا رَوَيْنَاهُ. وَحَكَى عَبْدُ الْحَقِّ عَنِ الْأَحْوَلِ إِسْكَانَ الرَّاءِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ، انْتَهَى.
فَاقْتِصَارُ النِّهَايَةِ وَالنَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ عَلَى الْإِسْكَانِ مَرْجُوحٌ، قَالَ فِي الرَّوْضِ: بِضَمَّتَيْنِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ، يُقَالُ إِنَّهَا أَوَّلُ قَرْيَةٍ مَارَتْ إِسْمَاعِيلَ وَأُمَّهُ التَّمْرَ بِمَكَّةَ، وَفِيهَا عَيْنَانِ يُقَالُ لَهُمَا الرَّبَضُ وَالتُّحَفُ يَسْقِيَانِ عِشْرِينَ أَلْفَ نَخْلَةٍ كَانَتْ لِحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالرَّبَضُ مَنَابِتُ الْأَرَاكِ فِي الرَّمْلِ (فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إِلَى الْيَوْمِ إِلَّا الزَّكَاةُ) فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ (قَالَ مَالِكٌ: أَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنَ الْمَعَادِنِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا شَيْءٌ حَتَّى يَبْلُغَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا قَدْرَ عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا) أَيْ ذَهَبًا (أَوَ) قَدْرَ (مِائَتَيْ دِرْهَمٍ) فِضَّةً وَهِيَ خَمْسُ أَوَاقٍ، وَبِهَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمَا: الْمَعْدِنُ كَالرِّكَازِ وَفِيهِ الْخُمُسُ يُؤْخَذُ مِنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «فِي الْمَعْدِنِ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» " فَغَايَرَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ لَجَمَعَهُمَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَعْدِنَ يَحْتَاجُ إِلَى عَمَلٍ وَمُؤْنَةٍ وَمُعَالَجَةٍ لِاسْتِخْرَاجِهِ بِخِلَافِ الرِّكَازِ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ الشَّرْعِ أَنَّ مَا عَظُمَتْ مُؤْنَتُهُ خُفِّفَ عَنْهُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ وَمَا خَفَّتْ زِيدَ فِيهِ (فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَفِيهِ الزَّكَاةُ) رُبُعُ الْعُشْرِ (مَكَانَهُ) يُرِيدُ عِنْدَ أَخْذِهِ مِنَ الْمَعْدِنِ وَاجْتِمَاعِهِ عِنْدَ الْعَامِلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ عِنْدَ تَصْفِيَتِهِ وَاقْتِسَامِهِ، وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِيهِ عِنْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ مَعْدِنِهِ كَالزَّرْعِ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ، قَالَهُ الْبَاجِيُّ.
(وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ أُخِذَ بِحِسَابِ ذَلِكَ مَا دَامَ فِي الْمَعْدِنِ نَيْلٌ) فَيُضَمُّ إِلَى الْأَوَّلِ الَّذِي بَلَغَ النِّصَابَ وَيُزَكَّى ; لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ عِرْقِهِ. (فَإِذَا انْقَطَعَ عِرْقُهُ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ نَيْلٌ) آخَرُ (فَهُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ يُبْتَدَأُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا ابْتُدِئَتْ فِي الْأَوَّلِ) فَإِنْ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا، وَيَضُمُّ بَقِيَّةَ عِرْقِهِ إِنْ بَلَغَ كَالْأَوَّلِ، فَلَا يُضَافُ الثَّانِي إِلَى الْأَوَّلِ بَلَغَ الْأَوَّلُ نِصَابًا أَمْ لَا، كَمَا لَا يُضَافُ زَرْعٌ عَامٌّ إِلَى زَرْعٍ عَامٍّ آخَرَ. (وَالْمَعْدِنُ) وَلِابْنِ وَضَّاحٍ: وَالْمَعَادِنُ (بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ) لِأَنَّ اللَّهَ يُنْبِتُهُ فِي الْأَرْضِ كَمَا يُنْبِتُ الزَّرْعَ (يُؤْخَذُ مِنْهُ) وَلِابْنِ وَضَّاحٍ مِنْهَا (مِثْلُ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الزَّرْعِ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمِثْلِيَّةِ فِي الْقَدْرِ الْمُخْرَجِ بَلْ فِي تَزْكِيَتِهِ مَكَانَهُ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute