صَحِيحٍ وَقَدْ عَارَضَهُ مَا هُوَ أَصَحُّ مِنْهُ وَهُوَ حَدِيثُ: " «فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» ". وَاخْتَصَرَ الْإِمَامُ هُنَا لَفْظَ هَذَا الْحَدِيثِ وَسَاقَهُ تَامًّا فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «جَرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» ". فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ جَوَازُ ذَلِكَ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ بِهِ تَامًّا.
(قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا وَالَّذِي سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ أَنَّ الرِّكَازَ إِنَّمَا هُوَ دِفْنٌ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ شَيْءٌ مَدْفُونٌ، كَذِبْحٍ بِمَعْنَى مَذْبُوحٍ، وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَالْمَصْدَرُ وَلَا يُرَادُ هُنَا قَالَهُ الْحَافِظُ كَالزَّرْكَشِيِّ، وَرَدَّهُ الدَّمَامِينِيُّ بِأَنَّهُ يَصِحُّ الْفَتْحُ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ أُرِيدَ بِهِ الْمَفْعُولُ مِثْلُ الدِّرْهَمِ ضَرْبُ الْأَمِيرِ وَهَذَا الثَّوْبُ نَسْجُ الْيَمَنِ. (يُوجَدُ مِنْ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ مَا) أَيْ مُدَّةَ كَوْنِهِ (لَمْ يُطْلَبْ بِمَالٍ) يُنْفَقُ عَلَى إِخْرَاجِهِ. (وَلَمْ يُتَكَلَّفْ فِيهِ نَفَقَةٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (وَلَا كَبِيرُ عَمَلٍ وَلَا مُؤْنَةٍ) فَهَذَا الَّذِي فِيهِ الْخُمُسُ سَاعَةَ يُوجَدُ (فَأَمَّا مَا طُلِبَ بِمَالٍ وَتُكُلِّفَ فِيهِ كَبِيرُ عَمَلٍ فَأُصِيبَ مَرَّةً وَأُخْطِئَ مَرَّةً فَلَيْسَ بِرِكَازٍ) حُكْمًا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ وَلَا يُخَمَّسُ، وَإِلَّا فَاسْمُ الرِّكَازِ بَاقٍ عَلَيْهِ، وَفِي هَذَا إِفَادَةُ الْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ بَيْنَ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ بِاحْتِيَاجِ الْمَعْدِنِ إِلَى عَمَلٍ وَمُؤْنَةٍ وَمُعَالَجَةٍ لِاسْتِخْرَاجِهِ بِخِلَافِ الرِّكَازِ، وَقِيلَ: إِنَّمَا جُعِلَ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ ; لِأَنَّهُ مَالُ كَافِرٍ فَنَزَلَ وَاجِدُهُ مَنْزِلَةَ الْغَانِمِ فَكَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ، وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: كَأَنَّ الرِّكَازَ مَأْخُوذٌ مِنْ أَرْكَزْتُهُ فِي الْأَرْضِ إِذَا غَرَزْتَهُ فِيهَا، وَأَمَّا الْمَعْدِنُ فَإِنَّهُ يَنْبُتُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ وَضْعِ وَاضِعٍ، هَذِهِ حَقِيقَتُهُمَا، فَإِذَا افْتَرَقَا فِي أَصْلِهِمَا فَكَذَلِكَ فِي حُكْمِهِمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute