الْجَمِيعِ (أَنَّهُ سَأَلَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ) أَحَدَ الْفُقَهَاءِ (عَنْ رَجُلٍ لَهُ مَالٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ أَعَلَيْهِ زَكَاةٌ؟ فَقَالَ: لَا) زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرْضٌ وَلَا مَالٌ غَيْرُهُ، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ ; لِأَنَّهَا فِي عَيْنِ الْمَالِ وَالدَّيْنُ فِي الذِّمَّةِ. (قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا فِي الدَّيْنِ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ) لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَنْمِيَتِهِ (وَإِنْ أَقَامَ عِنْدَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ) أَيِ الْمَدِينِ (سِنِينَ ذَوَاتَ عَدَدٍ ثُمَّ قَبَضَهُ صَاحِبُهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ) إِذْ لَوْ وَجَبَتْ لِكُلِّ عَامٍ لَأَدَّى إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ تَسْتَهْلِكُهُ، وَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ لَمْ تُطْلَبْ فِي أَمْوَالِ الْقِنْيَةِ ; لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ فِي الْأَمْوَالِ الْمُمْكِنِ تَنْمِيَتُهَا فَلَا تُفْنِيهَا الزَّكَاةُ غَالِبًا. (فَإِنْ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ) لِنَقْصِهِ عَنِ النِّصَابِ (فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ سِوَى الَّذِي قُبِضَ، تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ يُزَكَّى) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَلِابْنِ وَضَّاحٍ: يُزَكِّيهِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَهَاءُ الضَّمِيرِ (مَعَ مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ ذَلِكَ) وَكَذَا إِنْ كَانَ مَا عِنْدَهُ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ قَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، ثُمَّ قَبَضَ مَا إِذَا أَضَافَهُ إِلَيْهِ تَمَّ بِهِ نِصَابٌ فَإِنَّهُ يُزَكِّي يَوْمَ الْقَبْضِ عَنْهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ عَلَى مَا بِيَدِهِ لَمْ يُزَكِّ مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ حَتَّى يَبْلُغَ نِصَابًا. (قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَاضٌّ غَيْرُ الَّذِي اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ، وَكَانَ الَّذِي اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَكِنْ لَا يَحْفَظُ عَدَدَ مَا اقْتَضَى، فَإِنِ اقْتَضَى بَعْدَ ذَلِكَ عَدَدَ مَا تَتِمُّ بِهِ الزَّكَاةُ مَعَ مَا قَبَضَ قَبْلَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ) لِأَنَّهُ مَالٌ وَاحِدٌ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، فَإِذَا بَلَغَ النِّصَابَ زَكَّاهُ. (قَالَ: فَإِنْ كَانَ قَدِ اسْتَهْلَكَ مَا اقْتَضَى أَوَّلًا أَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ فَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ مَعَ مَا اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ، فَإِذَا بَلَغَ مَا اقْتَضَى عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute