فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا وَلَا تَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا، وَاكْتُبْ لَهُمْ بِمَا تَأْخُذُ مِنْهُمْ كِتَابًا إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْحَوْلِ) قَالَ أَبُو عُمَرَ: سَلَكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ طَرِيقَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَإِنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَامِلِ أَيْلَةَ: خُذْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا، ثُمَّ اكْتُبْ لَهُ بَرَاءَةً إِلَى السَّنَةِ، وَخُذْ مِنَ التَّاجِرِ الْمُعَاهَدِ مِنْ كَلِّ عِشْرِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا، وَمَنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ دِرْهَمًا، وَلَيْسَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْخَطَّابِ أَنْ يَكْتُبَ لِلذِّمِّيِّ بِمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كِتَابٌ إِلَى الْحَوْلِ، وَهُوَ دَلِيلُ مَالِكٍ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ كُلَّمَا تَجَرَ مِنْ بَلَدِهِ إِلَى غَيْرِ بَلَدِهِ. (قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا يُدَارُ مِنَ الْعُرُوضِ لِلتِّجَارَاتِ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَدَّقَ مَالَهُ) بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ دَفَعَ صَدَقَتَهُ أَيْ زَكَّاهُ (ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ عَرْضًا بَزًّا) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالزَّايِ، نَوْعٌ مِنَ الثِّيَابِ أَوِ الثِّيَابُ خَاصَّةً مِنْ أَمْتِعَةِ الْبَيْتِ أَوْ أَمْتِعَةِ التَّاجِرِ مِنَ الثِّيَابِ (أَوْ رَقِيقًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَإِنَّهُ لَا يُؤَدِّي مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ زَكَاةً حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ صَدَّقَهُ) أَدَّى زَكَاتَهُ (وَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَبِعْ ذَلِكَ الْعَرْضَ سِنِينَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْعَرْضِ زَكَاةٌ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُ، فَإِذَا بَاعَهُ فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ إِدَارَةَ التِّجَارَةِ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: التَّقَلُّبُ فِيهَا، وَارْتِصَادُ الْأَسْوَاقِ بِالْعُرُوضِ فَلَا زَكَاةَ، وَإِنْ أَقَامَ أَعْوَامًا حَتَّى يَبِيعَ فَيُزَكِّي لِعَامٍ وَاحِدٍ. وَالثَّانِي: الْبَيْعُ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِلَا انْتِظَارِ سُوقٍ كَفِعْلِ أَرْبَابِ الْحَوَانِيتِ فَيُزَكِّي كُلَّ عَامٍ بِشُرُوطٍ أَشَارَ إِلَيْهِ الْبَاجِيُّ، وَذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ التَّاجِرَ يَقُومُ كُلَّ عَامٍ وَيُزَكِّي مُدِيرًا كَانَ أَوْ مُحْتَكِرًا. وَقَالَ دَاوُدُ: لَا زَكَاةَ فِي الْعَرْضِ بِوَجْهٍ كَانَ لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِخَبَرٍ: " «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» ". وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِمَا التِّجَارَةَ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ هَذَا نَقْضٌ لِأَصْلِهِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِالظَّاهِرِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣] (سُورَةُ التَّوْبَةِ: الْآيَةُ ١٠٣) فَعَلَى أَصْلِهِمْ يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ مَالٍ إِلَّا مَا خُصَّ بِسُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ، فَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ مَالٍ مَا عَدَا الرَّقِيقَ وَالْخَيْلَ وَلِأَنَّهُ لَا يَقِيسُ عَلَيْهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا مِنَ الْعُرُوضِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْجُمْهُورُ عَلَى زَكَاةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْإِدَارَةِ وَالِاحْتِكَارِ، وَالْحَجَّةُ لَهُمْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَمَلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute