وِعَاءٍ أَوْ أَرْضٍ، قَالَهُ عِيَاضٌ.
٥٩٥ - ٥٩٦ - (مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ) الْمَدَنِيِّ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ (أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ) بْنِ الْخَطَّابِ (وَهُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْكَنْزِ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: ٣٤] (سُورَةُ التَّوْبَةِ: الْآيَةُ ٣٤) (مَا هُوَ؟ فَقَالَ: هُوَ الْمَالُ الَّذِي لَا تُؤَدَّى مِنْهُ الزَّكَاةُ) فَمَا أَدَّيْتَ مِنْهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ. وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ. وَقَدْ رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ ابْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ. وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ سُوَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مَرْفُوعًا: " «كُلُّ مَا أَدَّيْتَ زَكَاتَهُ وَإِنْ كَانَ تَحْتَ سَبْعِ أَرَضِينَ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ، وَكُلُّ مَا لَا تُؤَدِّي زَكَاتَهُ فَهُوَ كَنْزٌ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ» "، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ، وَالْمَشْهُورُ وَقْفُهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَيَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " «إِذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ» ". أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
وَلِأَبِي دَاوُدَ «عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: " كُنْتُ أَلْبَسُ أَوْضَاحًا مِنْ ذَهَبٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَنْزٌ؟ فَقَالَ: مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَيُزَكَّى فَلَيْسَ بِكَنْزٍ» ". صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ الْقَطَّانِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فِي سَنَدِهِ مَقَالٌ، قَالَ الزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ: سَنَدُهُ جَيِّدٌ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ ". وَلِلْحَاكِمِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: " «إِذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ أَذْهَبْتَ عَنْكَ شَرَّهُ» ". وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مَوْقُوفًا، وَرَجَّحَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدِ اسْتَدَلَّ لَهُ الْبُخَارِيُّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ» ". قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ: وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ الْكَنْزَ الْمَذْمُومَ هُوَ الْمُتَوَعَّدُ عَلَيْهِ الْمُوجِبُ لِصَاحِبِهِ النَّارَ، لَا مُطْلَقَ الْكَنْزِ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا زَادَ فِيهِ الصَّدَقَةُ، وَمَا أُخْرِجَتْ مِنْهُ الصَّدَقَةُ لَا وَعِيدَ عَلَى صَاحِبِهِ فَلَا يُسَمَّى كَنْزًا. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مَا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لَا يُسَمَّى كَنْزًا ; لِأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، فَمَا أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ عُفِيَ عَنْهُ بِإِخْرَاجِ الْوَاجِبِ فِيهِ فَلَا يُسَمَّى كَنْزًا. قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي تَفْسِيرِ الْكَنْزِ بِذَلِكَ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي ذَرٍّ وَالضَّحَّاكِ وَقَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الزُّهْدِ: إِنَّ فِي الْمَالِ حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ. وَجَاءَتْ آثَارٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَنْزَ مَا فَضَلَ عَنِ الْقُوتِ وَسَدَادِ الْعَيْشِ، وَأَنَّ آيَةَ الْوَعِيدِ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ، وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهَا فِي مَنْعِ الزَّكَاةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute