(أَخَذَ مِنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا) وَهُوَ مَا دَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ سُمِّيَ تَبِيعًا ; لِأَنَّهُ فُطِمَ عَنْ أُمِّهِ فَهُوَ يَتْبَعُهَا (وَمِنْ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً) دَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ وَقِيلَ الرَّابِعَةِ، وَلَا تُؤْخَذُ إِلَّا أُنْثَى، سَوَاءٌ كَانَتِ الْبَقَرَةُ ذُكُورًا كُلُّهَا أَوْ إِنَاثًا، قَالَهُ الْبَاجِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فَإِنْ زَادَتْ عَلَى أَرْبَعِينَ حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ فَتَبِيعَانِ وَفِي سَبْعِينَ مُسِنَّةٌ وَتَبِيعٌ، ثُمَّ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ، هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْحَدِيثِ، وَثَمَّ أَقْوَالٌ شَاذَّةٌ عَنِ الْجُمْهُورِ وَالْآثَارِ، قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرُهُ الْوَقْفُ عَلَى مُعَاذٍ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ (وَأُتِيَ بِمَا دُونَ ذَلِكَ) أَيِ الثَلَاثِينَ (فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، وَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ شَيْئًا) فِيهِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ مَا عَمِلَ بِهِ فِي الثَلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ، مَعَ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَكُونُ رَأْيًا وَإِنَّمَا هُوَ تَوْقِيفٌ مِمَّنْ أَمَرَ بِأَخْذِ الزَّكَاةِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (حَتَّى) غَايَةٌ لِمُقَدَّرٍ، أَيْ لَا آخُذُ إِلَى أَنْ (أَلْقَاهُ فَأَسْأَلَهُ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ يَقْدُمَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ) مِنَ الْيَمَنِ، قَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ: لَمْ يَزَلْ مُعَاذٌ بِالْجُنْدِ مُنْذُ بَعَثَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْيَمَنِ حَتَّى تُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ ثُمَّ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فَرَدَّهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: تُوُفِّيَ مُعَاذٌ فِي طَاعُونِ عَمْوَاسٍ، وَكَانَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَمَانَ عَشْرَةَ وَالْجُنْدُ مِنَ الْيَمَنِ بَلَدِ طَاوُسٍ اه. وَالَّذِي فِي الْإِصَابَةِ: وَقَدِمَ مُعَاذٌ مِنَ الْيَمَنِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَتُوُفِّيَ بِالطَّاعُونِ بِالشَّامِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ أَوِ الَّتِي بَعْدَهَا، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَعَاشَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَشَهِدَ بَدْرًا وَلَهُ إِحْدَى وَعِشْرُونَ سَنَةً.
(قَالَ مَالِكٌ: أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِيمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ عَلَى رَاعِيَيْنِ مُفْتَرِقَيْنِ) بِتَقْدِيمِ الْفَاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ: مُتَفَرِّقِينَ، بِتَقْدِيمِ التَّاءِ (أَوْ عَلَى رِعَاءٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ، مَمْدُودٌ، جَمْعٌ (مُفْتَرِقِينَ فِي بُلْدَانٍ شَتَّى أَنَّ ذَلِكَ يُجْمَعُ كُلُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ فَيُؤَدِّي صَدَقَتَهُ) وَكَذَلِكَ الْمَاشِيَةُ وَالْحَرْثُ، وَقَوْلُهُ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ، يَدُلُّ عَلَى الْخِلَافِ، وَالْأَصْلُ مُرَاعَاةُ مِلْكِ الرَّجُلِ النِّصَابَ وَلَا يُرَاعَى افْتِرَاقُ الْمَوْضِعِ إِلَّا مِنْ جِهَةِ السُّعَاةِ، قَالَهُ أَبُو عُمَرَ. (وَمِثْلُ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الذَّهَبُ أَوِ الْوَرِقُ مُتَفَرِّقَةً فِي أَيْدِي نَاسٍ شَتَّى إِنَّهُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا (يَنْبَغِي لَهُ) أَيْ يَجِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute