صَدَّقَهَا مَعَ مَاشِيَتِهِ حِينَ يُصَدِّقُهَا، وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي هَذَا) قَالَ الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَجِبُ هَذَا الْقَوْلُ دُونَ غَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا يُقَالُ: زَيْدٌ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ لَا حَقَّ لِغَيْرِهِ فِيهِ، وَعَلَيْهِ قَوْلُ حَسَّانَ:
أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِنِدٍّ ... فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِدَاءُ
قَالَ: فَشَرُّكُمَا، وَلَا شَرَّ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالَ: لِخَيْرِكُمَا، وَلَا خَيْرَ فِي هَاجِيهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِأَحَبَّ أَنَّهُ أَصَحُّ وَأَرْجَحُ دَلِيلًا فَأَفْعَلُ عَلَى بَابِهَا (قَالَ مَالِكٌ فِي الْفَرِيضَةِ تَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ فَلَا تُوجَدُ عِنْدَهُ: أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ بِنْتَ مَخَاضٍ فَلَمْ تُوجَدْ أُخِذَ مَكَانَهَا ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ) وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ قِيمَةٍ مِنْهَا وَلَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلُهَا، فَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ: " فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا، وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ " وَهَذَا الْحُكْمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَلَوْ لَمْ يَجِدْ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا: يَتَعَيَّنُ شِرَاءُ بِنْتِ الْمَخَاضِ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ أَيَّهُمَا شَاءَ (إِنْ كَانَتْ) الْفَرِيضَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ (بِنْتَ لَبُونٍ أَوْ حِقَّةً أَوْ جَذَعَةً، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ كَانَ عَلَى رَبِّ الْإِبِلِ أَنْ يَبْتَاعَهَا لَهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِهَا، وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهَا) لِأَنَّ إِخْرَاجَ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ: " «خُذِ الْحَبَّ مِنَ الْحَبِّ وَالشَّاةَ مِنَ الْغَنَمِ وَالْبَعِيرَ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرَ مِنَ الْبَقَرِ» " وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ يَخْرُجُ عَلَى وَجْهِ الطُّهْرَةِ فَلَمْ تُجْزِ فِيهِ الْقِيمَةُ كَالرَّقَبَةِ، قَالَهُ الْبَاجِيُّ. (قَالَ مَالِكٌ فِي الْإِبِلِ النَّوَاضِحِ) جَمْعُ نَاضِحٍ، وَهُوَ الَّذِي يَحْمِلُ الْمَاءَ مِنْ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ لِيَسْقِيَ الزَّرْعَ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَنْضَحُ الْعَطَشَ أَيْ تَبُلُّهُ بِالْمَاءِ الَّذِي تَحْمِلُهُ، هَذَا أَصْلُهُ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ بَعِيرٍ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الْمَاءَ (وَالْبَقَرِ السَّوَانِي) الَّتِي يُسْنَى عَلَيْهَا أَيْ يُسْتَقَى مِنَ الْبِئْرِ (وَبَقَرِ الْحَرْثِ إِنِّي أَرَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إِذَا وَجَبَتْ فِيهِ الصَّدَقَةُ) لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ وَرَدَتْ بِإِطْلَاقِ الزَّكَاةِ فِيهَا، وَلَمْ يَخُصَّ عَامِلَةً مِنْ غَيْرِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute