(لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٦٠] (سُورَةُ التَّوْبَةِ: الْآيَةُ ٦٠) (أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: ٦٠] (سُورَةُ التَّوْبَةِ: الْآيَةُ ٦٠) وَبَيَّنَتِ السُّنَّةُ أَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا، قِيلَ وَلَا مُطَّلِبِيًّا. (أَوْ لِغَارِمٍ) أَيْ مَدِينٍ، قَالَ تَعَالَى: {وَالْغَارِمِينَ} [التوبة: ٦٠] (سُورَةُ التَّوْبَةِ: الْآيَةُ ٦٠) بِشُرُوطٍ فِي الْفُرُوعِ. (أَوْ لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ) مِنَ الْفَقِيرِ الَّذِي أَخَذَهَا (أَوْ لِرَجُلٍ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْفَقِيرَ ( «فَتَصَدَّقَ عَلَى الْمِسْكِينِ فَأَهْدَى» ) أَيْ أَهْدَاهَا (الْمِسْكِينُ لِلْغَنِيِّ) فَتَحِلُّ لَهُ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ قَدْ بَلَغَتْ مَحَلَّهَا فِيهِ وَفِيمَا قَبِلَهُ، وَلَهُ جَارٌ خَرَجَ عَلَى جِهَةِ التَّمْثِيلِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ، فَالْمَدَارُ عَلَى إِهْدَاءِ الصَّدَقَةِ الَّتِي مَلَكَهَا الْمِسْكِينُ لِجَارٍ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَيَأْتِي فِي حَدِيثِ إِهْدَاءِ بَرِيرَةَ لَحْمًا تُصِدِّقَ بِهِ عَلَيْهَا إِلَى عَائِشَةَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ مِنْهَا لَنَا هَدِيَّةٌ» ". وَكَذَلِكَ الْإِهْدَاءُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، فَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: " «أَوْ جَارٌ فَقِيرٌ يُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَيُهْدِي لَكَ أَوْ يَدْعُوكَ» ". قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا الْحَدِيثُ مُفَسِّرٌ لِمُجْمَلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» ". وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ لَا تَحِلُّ لِغَيْرِ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورِينَ. الْبَاجِيُّ: فَإِنْ دَفَعَهَا لِغَنِيٍّ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ عَالِمًا بِغِنَاهُ لَمْ تُجْزِهِ بِلَا خِلَافٍ، فَإِنِ اعْتَقَدَ فَقْرَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَضْمَنُ إِنْ دَفَعَهَا لِغَنِيٍّ أَوْ كَافِرٍ، وَأَمَّا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْهَدِيَّةِ تَحِلُّ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ.
(قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنَ الْوَالِي) الْخَلِيفَةِ أَوْ نَائِبِهِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يُعْطِي، وَفِي مَنْ يُعْطِي مِنَ الْأَصْنَافِ فَلَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ. (فَأَيُّ الْأَصْنَافِ كَانَتْ فِيهِ الْحَاجَةُ وَالْعَدَدُ أُوثِرَ ذَلِكَ الصِّنْفُ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْوَالِي) بِاجْتِهَادِهِ (وَعَسَى أَنْ يَنْتَقِلَ ذَلِكَ إِلَى الصِّنْفِ الْآخَرِ بَعْدَ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ أَوْ أَعْوَامٍ فَيُؤْثَرُ أَهْلُ الْحَاجَةِ وَالْعَدَدِ حَيْثُمَا كَانَ) وُجِدَ (ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا أَدْرَكْتُ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ) حَمْلًا لِلْآيَةِ عَلَى أَنَّهَا إِعْلَامٌ بِمَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ، وَقَدْ قَالَ حُذَيْفَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا وَضَعْتَهَا فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَكَ. أَبُو عُمَرَ: لَا أَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute