وَكَانَ عِنْدَهُ صِحَافٌ) بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ، جَمْعُ صَحْفَةٍ؛ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، إِنَاءٌ كَالْقَصْعَةِ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: قَصْعَةٌ مُسْتَطِيلَةٌ (تِسْعٌ، فَلَا تَكُونُ فَاكِهَةٌ وَلَا طُرَيْفَةٌ) بِطَاءٍ مُهْمَلَةٍ، تَصْغِيرُ طُرْفَةٍ بِزِنَةِ غُرْفَةٍ، مَا يُسْتَطْرَفُ؛ أَيْ: يُسْتَمْلَحُ (إِلَّا جَعَلَ مِنْهَا فِي تِلْكَ الصِّحَافِ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) حِفْظًا لَهُ فِي أَهْلِهِ بَعْدَهُ (وَيَكُونُ الَّذِي يَبْعَثُ بِهِ إِلَى حَفْصَةَ ابْنَتِهِ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقْصَانٌ كَانَ فِي حَظِّ حَفْصَةَ) نَصِيبِهَا طَلَبًا لِمَرْضَاةِ غَيْرِهَا، وَعِلْمًا بِأَنَّهَا تَرْضَى ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ، وَلَا تَأْنَفُ مِنْ إِيثَارِهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ أَبُوهَا يَجُوزُ لَهُ التَّبَسُّطُ عَلَيْهَا وَتَتَيَقَّنُ مَحَبَّتَهُ لَهَا (قَالَ: فَجَعَلَ فِي تِلْكَ الصِّحَافِ مِنْ لَحْمِ تِلْكَ الْجَزُورِ فَبَعَثَ بِهِ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِلَا طَبْخٍ لِيَصْنَعْنَ فِيهِ مَا أَحْبَبْنَ (وَأَمَرَ بِمَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِ تِلْكَ الْجَزُورِ فَصُنِعَ) طُبِخَ (فَدَعَا عَلَيْهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ) فِيهِ دَلَالَةٌ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يُطْعِمُهُمْ أَمْثَالَهَا اسْتِئْلَافًا وَإِينَاسًا، وَهِيَ سُنَّةٌ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ وُجُوهَ أَصْحَابِهِ لِلْأَكْلِ عِنْدَهُ، وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَتْ عِنْدَهُ فَوَاكِهٌ وَطَرَفٌ مِنَ الْجِزْيَةِ وَخَرَاجُ الْأَرْضِ وَالْوُجُوهُ الْمُبَاحَةُ لِلْأَغْنِيَاءِ؛ قَالَهُ الْبَاجِيُّ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: كَانَ عُمَرُ يُفَضِّلُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ لِمَوْقِعِهِنَّ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُفَضِّلُ أَهْلَ السَّابِقَةِ، وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ مِنْ مَذْهَبِهِ وَتَلَاهُ عُثْمَانُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ يُسَوِّيَانِ فِي قَسْمِ الْفَيْءِ، وَيَقُولُ أَبُو بَكْرٍ: ثَوَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ الْجَنَّةُ، وَأَمَّا الدُّنْيَا فَهُمْ فِيهَا سَوَاءٌ فِي الْحَاجَةِ إِلَى الْمَعِيشَةِ.
(قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ تُؤْخَذَ النَّعَمُ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ إِلَّا فِي جِزْيَتِهِمْ) أَيْ: أَهْلِ النَّعَمِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ مَا رَاضَاهُمْ عَلَيْهِ الْإِمَامُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute