للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيُؤَدِّيهَا فِي حَالِ إِسْلَامِهِ.

وَدَلِيلُ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] (سُورَةُ الْأَنْفَالِ: الْآيَةُ ٣٨) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقَالَ أَحْمَدُ بِقَوْلِ مَالِكٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

(قَالَ مَالِكٌ مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَى نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا عَلَى صِبْيَانِهِمْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: ٢٩] إِلَى قَوْلِهِ: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: ٢٩] (سُورَةُ التَّوْبَةِ: الْآيَةُ ٢٩) وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ لَا يُقَاتِلُونَ.

(وَأَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تُؤْخَذُ إِلَّا مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ قَدْ بَلَغُوا الْحُلُمَ) بِشَرْطِ الْجِزْيَةِ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ عَبِيدِهِمْ، (وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا عَلَى الْمَجُوسِ) وَلَا غَيْرِهِمْ مِنْ بَاقِي الْكُفَّارِ (فِي نَخِيلِهِمْ وَلَا كُرُومِهِمْ وَلَا زُرُوعِهِمْ وَلَا مَوَاشِيهِمْ صَدَقَةٌ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا وُضِعَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ تَطْهِيرًا لَهُمْ) مِنَ الْبُخْلِ، وَلِلْمَالِ مِنَ الْخُبْثِ، قَالَ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣] (سُورَةُ التَّوْبَةِ: الْآيَةُ ١٠٣) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضِ الزَّكَاةَ إِلَّا لِيُطَيِّبَ مَا بَقِيَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (وَرَدًّا عَلَى فُقَرَائِهِمْ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: " «أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.

(وَوُضِعَتِ الْجِزْيَةُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ صَغَارًا) إِذْلَالًا (لَهُمْ) كَمَا قَالَ تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] (سُورَةُ التَّوْبَةِ: الْآيَةُ ٢٩) ، (فَهُمْ مَا كَانُوا بِبَلَدِهِمُ الَّذِينَ صَالَحُوا عَلَيْهِ لَيْسَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ سِوَى الْجِزْيَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ) قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا إِجْمَاعٌ إِلَّا أَنَّ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ رَأَى تَضْعِيفَ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي تَغْلِبَ دُونَ جِزْيَةٍ، قَالَهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ قَالُوا: يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِثْلَا مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِ، فَفِي الرِّكَازِ خُمْسَانِ، وَمَا فِيهِ الْعُشْرُ عُشْرَانِ، وَمَا فِيهِ رُبْعُ الْعُشْرِ نِصْفُ الْعُشْرِ، وَكَذَلِكَ مِنْ نِسَائِهِمْ بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ، وَلَا شَيْءَ عَنْ مَالِكٍ فِي بَنِي تَغْلِبَ، وَهُمْ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ النَّصَارَى سَوَاءٌ، وَقَدْ عَمَّ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ الْكِتَابِ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ فَلَا مَعْنَى لِإِخْرَاجِ بَنِي تَغْلِبَ مِنْهُمْ (إِلَّا أَنْ يَتَّجِرُوا فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَيَخْتَلِفُوا فِيهَا فَيُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْعُشْرُ فِيمَا يُدِيرُونَ مِنَ التِّجَارَاتِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>