وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا تَبْتَعْهُ وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ» قَالَ يَحْيَى سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَوَجَدَهَا مَعَ غَيْرِ الَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ تُبَاعُ أَيَشْتَرِيهَا فَقَالَ تَرْكُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ
ــ
٦٢٥ - ٦٢٣ - (مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ) أَيْ: جَعَلَهُ حُمُولَةً لِرَجُلٍ مُجَاهِدٍ لَيْسَ لَهُ حُمُولَةٌ.
وَفِي رِوَايَةِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ تَصَدَّقَ بِفَرَسٍ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَيْهِ حَمْلَ تَمْلِيكٍ لِيَغْزُوَ عَلَيْهِ؛ وَلِذَا سَاغَ لَهُ بَيْعُهُ، وَقِيلَ: إِنَّ عُمَرَ وَقَفَهُ، وَإِنَّمَا سَاغَ لِلرَّجُلِ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِيهِ هُزَالٌ عَجَزَ لِأَجْلِهِ عَنِ اللَّحَاقِ بِالْخَيْلِ وَضَعُفَ عَنْ ذَلِكَ، وَانْتَهَى إِلَى عَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَيَحْتَاجُ إِلَى ثُبُوتِ ذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ قَوْلُهُ: (فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ) أَيْ: يَشْتَرِيَهُ إِذْ لَوْ كَانَ وَقْفًا لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ، ( «فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَا تَبْتَعْهُ» ) بِالْجَزْمِ؛ أَيْ: لَا تَشْتَرِهِ (وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ) وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ، وَلَوْ كَانَ حَبْسًا لَقَالَ فِي وَقْفِكَ أَوْ حَبْسِكَ، وَسُمِّيَ الشِّرَاءُ عَوْدًا فِي الصَّدَقَةِ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِالْمُسَامَحَةِ مِنَ الْبَائِعِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي فَأَطْلَقَ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي يُسَامِحُ بِهِ رُجُوعًا، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْجِهَادِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَمُسْلِمٌ فِي الْوَصَايَا وَالصَّدَقَةِ عَنْ يَحْيَى، الثَّلَاثَةُ عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَلِمَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادٌ ثَالِثٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْأَحْنَفِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
(قَالَ يَحْيَى: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَوَجَدَهَا مَعَ غَيْرِ الَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ تُبَاعُ أَيَشْتَرِيهَا؟ فَقَالَ: تَرْكُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ) إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ اشْتِرَائِهَا مِنْ نَفْسِ مَنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فِي الْمَعْنَى؛ لِرُجُوعِهِ فِيمَا تَرَكَهُ لِلَّهِ تَعَالَى، كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ سُكْنَى مَكَّةَ بَعْدَ هِجْرَتِهِمْ مِنْهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ إِنْ وَقَعَ مَعَ أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى ثُبُوتِ الْبَيْعِ، كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لِاحْتِمَالِ أَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute