وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمَا قَالَتَا «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ يَصُومُ»
ــ
٦٤٢ - ٦٣٩ - (مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدِ) بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ أَخُو يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَلِجَدِّهِ قَيْسٍ صُحْبَةٌ وَهُوَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَشُعْبَةُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَرَوَى لَهُ الْجَمِيعُ، وَمَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ (عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ) بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ الْمَدَنِيِّ أَحَدِ الْفُقَهَاءِ. قِيلَ: اسْمُهُ مُحَمَّدٌ. وَقِيلَ: اسْمُهُ كُنْيَتُهُ. وَقِيلَ: أَبُو بَكْرٍ اسْمُهُ وَكُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَكَذَا يَرْوِيهِ مَالِكٌ، وَخَالَفَهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ فَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمَا قَالَتَا: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ» ) صِفَةٌ لَازِمَةٌ، قُصِدَ بِهَا الْمُبَالَغَةُ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ عَمْدًا يُفْطِرُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَنَاسِي الِاغْتِسَالِ وَالنَّائِمِ عَنْهُ أَوْلَى بِذَلِكَ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِي هَذَا فَائِدَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ كَانَ يُجَامِعُ فِي رَمَضَانَ وَيُؤَخِّرُ الْغُسْلَ إِلَى بَعْدِ طُلُوعِ الْفَجْرِ بَيَانًا لِلْجَوَازِ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَحْتَلِمُ؛ لِأَنَّ الِاحْتِلَامَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَهُوَ مَعْصُومٌ مِنْهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى جَوَازِهِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِاسْتِثْنَائِهِ مَعْنًى، وَرُدَّ بِأَنَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ وَهُوَ مَعْصُومٌ مِنْهُ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ الِاحْتِلَامَ يَقَعُ عَلَى الْإِنْزَالِ وَقَدْ يَحْصُلُ بِغَيْرِ رُؤْيَةِ شَيْءٍ فِي الْمَنَامِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ: احْتَجَّ بِهِ مَنْ أَجَازَ الِاحْتِلَامَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَالْأَشْهَرُ امْتِنَاعُهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ، وَتَأَوَّلُوا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ، وَلَا يَجْنُبَ مِنَ احْتِلَامٍ لِامْتِنَاعِهِ مِنْهُ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران: ٢١] (سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَةُ ٢١) وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَتْلَهُمْ لَا يَكُونُ بِحَقٍّ (فِي رَمَضَانَ) وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ (ثُمَّ يَصُومُ) ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute