فَأَرْسَلَنِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَأَتَيْتُهَا فَلَقِيتُ غُلَامَهَا نَافِعًا فَأَرْسَلْتُهُ إِلَيْهَا فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ. قَالَ الْحَافِظُ: وَفِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَبَا عِيَاضٍ مَجْهُولٌ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَيُجْمَعُ بِأَنَّ كُلًّا مِنَ الْغُلَامَيْنِ كَانَ وَاسِطَةً بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَبَيْنَهُمَا فِي السُّؤَالِ، وَسَمِعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ بَعْدَ الدُّخُولِ كَمَا قَالَ.
(حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ فَسَلَّمَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا كُنَّا عِنْدَ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَذَكَرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: لَيْسَ كَمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَتَرْغَبُ عَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ؟) أَيْ: لَا تُرِيدُهُ أَنْتَ بِذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي الرَّدِّ (قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَا وَاللَّهِ) لَا أَرْغَبُ عَنْهُ (قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ) ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ: " «كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنِّي» " (ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ) الَّذِي أَصْبَحَ فِيهِ جُنُبًا (ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ) فَسَأَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ (عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ) ظَاهِرُ الْمِثْلِيَّةِ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ. . . إِلَخْ، لَكِنْ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: " «كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنِّي فَيَصُومُ وَيَأْمُرُنِي بِالصِّيَامِ» "، (قَالَ) أَبُو بَكْرٍ: (فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَذَكَرَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَا قَالَتَا فَقَالَ مَرْوَانُ) زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ: الْقَ أَبَا هُرَيْرَةَ فَحَدِّثْهُ بِهَذَا فَقَالَ: إِنَّهُ لَجَارِي وَإِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ أَسْتَقْبِلَهُ بِمَا يَكْرَهُ، وَفِي أُخْرَى: إِنَّهُ لِي صَدِيقٌ وَلَا أُحِبُّ أَنْ أَرُدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: (أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ) كُنْيَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (لَتَرْكَبَنَّ دَابَّتِي فَإِنَّهَا بِالْبَابِ فَلْتَذْهَبَنَّ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّهُ بِأَرْضِهِ بِالْعَقِيقِ فَلْتُخْبِرَنَّهُ ذَلِكَ) الَّذِي قَالَتَاهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: " ثُمَّ قُدِّرَ لَنَا أَنْ نَجْتَمِعَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَكَانَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ هُنَاكَ أَرْضٌ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُمُ اجْتَمَعُوا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَرِوَايَةُ مَالِكٍ نَصٌّ فِي الْقَصْدِ، فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: ثُمَّ قُدِّرَ لَنَا عَلَى الْمَعْنَى الْأَعَمِّ مِنَ التَّقْدِيرِ لَا الِاتِّفَاقِ، وَلَا تُخَالِفُ بَيْنَ قَوْلِهِ: " بِذِي الْحُلَيْفَةِ " وَبَيْنَ قَوْلِهِ: " بِالْعَقِيقِ " لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا قَصَدَاهُ إِلَى الْعَقِيقِ فَلَمْ يَجِدَاهُ ثُمَّ وَجَدَاهُ بِذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute