للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ» "، فَإِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ سَنَةَ سِتٍّ، وَابْتِدَاءُ الصَّوْمِ كَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَوَافَقَ عَلَى دَعْوَى النَّسْخِ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ.

وَأُجِيبُ أَيْضًا بِأَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ؛ لِأَنَّهُمَا أَعْلَمُ بِمِثْلِ هَذَا مِنْ غَيْرِهِمَا، وَجَاءَ عَنْهُمَا مِنْ طُرِقٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، حَتَّى قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَنَّهُ صَحَّ وَتَوَاتَرَ، وَصَرَّحَ الْبُخَارِيُّ بِرُجْحَانِهِ، وَنَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَلِأَنَّ الْفِعْلَ مُرَجَّحٌ عَلَى الْقَوْلِ عِنْدَ بَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ، وَلِأَنَّهُ وَافَقَ الْقُرْآنَ؛ لِأَنَّهُ أَبَاحَ الْمُبَاشَرَةَ إِلَى الْفَجْرِ وَهِيَ الْجِمَاعُ، فَإِذَا أُبِيحَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْفَجْرَ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ الِاغْتِسَالَ إِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَهُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ١٨٧) وَلِأَنَّهُ وَافَقَ الْمَعْقُولَ وَهُوَ أَنَّ الْغُسْلَ شَيْءٌ وَجَبَ بِإِنْزَالٍ وَلَيْسَ فِي فِعْلِهِ شَيْءٌ مُحَرَّمٌ عَلَى الصَّائِمِ فَقَدْ يَحْتَلِمُ بِالنَّهَارِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَيَتِمُّ صَوْمَهُ إِجْمَاعًا، وَكَذَا إِذَا احْتَلَمَ لَيْلًا مِنْ بَابِ الْأَوْلَى، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ الصَّائِمُ مِنْ تَعَمُّدِ الْجِمَاعِ نَهَارًا، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>