وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُسْأَلُ هَلْ يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ أَوْ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ فَيَقُولُ لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ
ــ
٦٧١ - (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُسْأَلُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (هَلْ يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ أَوْ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ؟ فَيَقُولُ: لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ) لِأَنَّهُمَا مِنَ الْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ إِجْمَاعًا فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ تَطَوُّعًا عَنْ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ، وَفِي الصَّوْمِ عَنِ الْحَيِّ خِلَافٌ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَعِيَاضٌ وَغَيْرُهُمَا.
وَأَمَّا الصَّوْمُ عَنِ الْمَيِّتِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْهُمْ: مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ وَأَحْمَدُ، وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِوَارِثِهِ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ، وَيَبْرَأُ بِهِ الْمَيِّتُ، وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: " «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» " وَلِحَدِيثِهِمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " «أَتَتِ امْرَأَةٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، فَقَالَ: أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْتِ تَقْضِيهِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» "، وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: " لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ " أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: " لَا تَصُومُوا عَنْ مَوْتَاكُمْ وَأَطْعِمُوا عَنْهُمْ " رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَعِنْدَهُ أَيْضًا: " أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنِ امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمٌ فَقَالَتْ: يُطْعَمُ عَنْهَا "، فَلَمَّا أَفْتَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ بِخِلَافِ مَا رَوَيَاهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى خِلَافِهِ لِأَنَّ فَتْوَى الصَّحَابِيِّ بِخِلَافِ مَرْوِيِّهِ بِمَنْزِلَةِ رِوَايَتِهِ لِلنَّاسِخِ، وَنَسْخُ الْحُكْمِ يَدُلُّ عَلَى إِخْرَاجِ الْمَنَاطِ عَنِ الِاعْتِبَارِ، وَفِي الِاسْتِذْكَارِ لَمْ يُخَالِفْ بِفَتْوَاهُ مَا رَوَاهُ إِلَّا لِنَسْخٍ عَلِمَهُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى الْأَصْلِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute