فَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِنَّهَا فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ " مُتَتَابِعَاتٍ " فَقَالَ: تَأَخَّرَ الرَّجُلُ.
(وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْمَرْأَةِ تُصْبِحُ صَائِمَةً فِي رَمَضَانَ فَتَدْفَعُ دُفْعَةً) بِضَمِّ الدَّالِّ اسْمٌ لِمَا يُدْفَعُ بِمَرَّةٍ وَبِفَتْحِهَا الْمَرَّةِ، قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: الدُّفْعَةُ مِنَ الْمَطَرِ وَالدَّمِ وَغَيْرِهِ مِثْلَ الدَّفْعَةِ، (مِنْ دَمٍ عَبِيطٍ) بِمُهْمَلَةٍ أَيْ طَرِيٍّ خَالِصٍ لَا خَلْطَ فِيهِ (فِي غَيْرِ أَوَانِ حَيْضِهَا ثُمَّ تَنْتَظِرُ حَتَّى تُمْسِيَ أَنْ تَرَى مِثْلَ ذَلِكَ فَلَا تَرَى شَيْئًا ثُمَّ تُصْبِحُ يَوْمًا آخَرَ فَتَدْفَعُ دُفْعَةً أُخْرَى وَهِيَ دُونَ الْأَوْلَى) أَقَلُّ مِنْهَا (ثُمَّ يَنْقَطِعُ ذَلِكَ عَنْهَا قَبْلَ حَيْضَتِهَا بِأَيَّامٍ فَسُئِلَ مَالِكٌ كَيْفَ تَصْنَعُ فِي صِيَامِهَا وَصَلَاتِهَا؟ قَالَ مَالِكٌ) مُجِيبًا: (ذَلِكَ الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا (فَإِذَا رَأَتْهُ فَلْتُفْطِرْ لِأَنَّ الْحَيْضَ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّوْمِ وَلْتَقْضِ مَا أَفْطَرَتْ) وُجُوبًا (فَإِذَا ذَهَبَ عَنْهَا الدَّمُ فَلْتَغْتَسِلْ وَتَصُومُ) وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: إِنَّ السُّنَنَ وَوُجُوهَ الْحَقِّ لَتَأْتِيَ كَثِيرًا عَلَى خِلَافِ الرَّأْيِ، فَمَا يَجِدُ الْمُسْلِمُونَ بُدًا مِنَ اتِّبَاعِهَا مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحَائِضَ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ فَجُعِلَ ذَلِكَ تَعَبُّدًا.
وَفَرَّقَ الْفُقَهَاءُ بِعَدَمِ تَكَرُّرِ الصَّوْمِ فَلَا حَرَجَ فِي قَضَائِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَبِغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: كُلُّ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْفُرُوقِ ضَعِيفٌ.
(وَسُئِلَ عَمَّنْ أَسْلَمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ هَلْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ كُلِّهِ؟ وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا مَضَى) حَالَ كُفْرِهِ، وَإِنْ قِيلَ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْكُفْرِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُسْقِطُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] (سُورَةُ الْأَنْفَالِ: الْآيَةُ ٣٨) (وَإِنَّمَا يَسْتَأْنِفُ الصِّيَامَ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْضِيَ الْيَوْمَ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ) ، وَلَا يَجِبُ خِلَافًا لِلْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ فِي أَنَّهُ يَجِبُ قَضَاءُ الْمَاضِي، قَالَ أَبُو عُمَرَ: مَنْ أَوْجَبَ عَلَى الْكَافِرِ يُسْلِمُ أَوِ الصَّبِيِّ يَحْتَلِمُ صَوْمَ مَا مَضَى فَقَدْ كَلَّفَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ لِأَنَّ الصِّيَامَ إِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ الْبَالِغِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: ١٨٣] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ١٨٣) وَبِحَدِيثِ: " «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» " فَذَكَرَ مِنْهَا الْغُلَامَ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَالْجَارِيَةَ حَتَّى تَحِيضَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute