مَا بَقِيَ مِنَ الْعَشْرِ إِذَا صَحَّ أَمْ لَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ؟ وَفِي أَيِّ شَهْرٍ يَعْتَكِفُ إِنْ وَجَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ مَالِكٌ: يَقْضِي مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ عُكُوفٍ) بِنَذْرِهِ أَوِ الدُّخُولِ فِيهِ، (إِذَا صَحَّ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ) ، لَكِنْ إِنْ كَانَ فِي رَمَضَانَ فَبِأَيِّ وَجْهٍ أَفْطَرَ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ لِأَنَّهُ صَارَ مَعَ رَمَضَانَ كَالْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ، وَكَذَا إِنْ وَجَبَ صَوْمُ الِاعْتِكَافِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ، وَإِنْ كَانَ صَوْمُ الِاعْتِكَافِ تَطَوُّعًا فَأَفْطَرَ نَاسِيًا قَضَى عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَا قَضَاءَ.
وَأَمَّا الْمَنْذُورُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ قَضَائِهِ وَبِمُعَيَّنٍ فَحُكْمُ رَمَضَانَ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ، وَفِي غَيْرِهِ وَاسْتَغْرَقَهُ الْمَانِعُ فَلَا قَضَاءَ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْهُ وَكَانَ فِي آخِرِ الِاعْتِكَافِ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِهِ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَقَالَ سَحْنُونُ: لَا قَضَاءَ، قَالَهُ الْبَاجِيُّ.
وَاسْتَدَلَّ مَالِكٌ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ بِقَوْلِهِ: (وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ الْعُكُوفَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ رَمَضَانُ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ) ، هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي أَسْنَدَهُ أَوَّلًا صَحِيحًا، فَمِنْ هُنَا وَنَحْوَهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ يُطْلَقُ الْبَلَاغُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلِذَا قَالَ الْأَئِمَّةُ: بَلَاغَاتُ مَالِكٍ صَحِيحَةٌ.
(وَالْمُتَطَوِّعُ فِي الِاعْتِكَافِ وَالَّذِي عَلَيْهِ الِاعْتِكَافُ أَمْرُهُمَا وَاحِدٌ فِيمَا يَحِلُّ لَهُمَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا، وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اعْتِكَافُهُ إِلَّا تَطَوُّعًا) ، وَقَدْ قَضَاهُ لَمَّا قَطَعَهُ لِلْعُذْرِ فَيُفِيدُ وُجُوبَ قَضَاءِ الِاعْتِكَافِ التَّطَوُّعِ لِمَنْ قَطَعَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إِنَّمَا قَضَاهُ اسْتِحْبَابًا لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ نِسَاءَهُ اعْتَكَفْنَ مَعَهُ فِي شَوَّالٍ مَدْفُوعٌ، فَعَدَمُ النَّقْلِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْفِعْلِ وَقَدْ يَتَأَخَّرْنَ عَنْ شَوَّالٍ لِعُذْرٍ كَحَيْضٍ.
(قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ إِنَّهَا إِذَا اعْتَكَفَتْ ثُمَّ حَاضَتْ فِي اعْتِكَافِهَا أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى بَيْتِهَا) وُجُوبًا لِحُرْمَةِ مُكْثِهَا فِي الْمَسْجِدِ بِالْحَيْضِ، (فَإِذَا طَهُرَتْ رَجَعَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ أَيَّةَ سَاعَةٍ طَهُرَتْ ثُمَّ تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنَ اعْتِكَافِهَا) قَبْلَ الْحَيْضِ حَتَّى تُتِمَّ مَا نَوَتْ أَوْ نَذَرَتْ، (وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ يَجِبُ عَلَيْهَا صِيَامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute