رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَنْ أَبِيهِ) عُرْوَةَ أَحَدِ كِبَارِ التَّابِعِينَ الْفُقَهَاءِ (عَنْ حُمْرَانَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ابْنِ أَبَانٍ (مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ) اشْتَرَاهُ زَمَنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَرَوَى عَنْ مَوْلَاهُ وَمُعَاوِيَةَ.
وَعَنْهُ أَبُو وَائِلٍ وَعُرْوَةُ وَالْحَسَنُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَغَيْرُهُمْ، ذَكَرَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي تَابِعِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمُحَدِّثِيهِمِ، وَكَانَ يُصَلِّي خَلْفَ عُثْمَانَ وَيَفْتَحُ عَلَيْهِ، وَكَانَ صَاحِبَ إِذْنِهِ وَكَاتِبَهُ وَهُوَ ثِقَةٌ رَوَى لَهُ السِّتَّةُ وَقَدِمَ الْبَصْرَةَ فَكَتَبَ عَنْهُ أَجَلُّهَا، وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ.
(أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ جَلَسَ عَلَى الْمَقَاعِدِ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هِيَ مَصَاطِبُ حَوْلَ الْمَسْجِدِ، وَقِيلَ حِجَارَةٌ بِقُرْبِ دَارِ عُثْمَانَ يَقْعُدُ عَلَيْهَا مَعَ النَّاسِ، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: هِيَ الدَّرَجُ، وَقِيلَ هِيَ دَكَاكِينُ حَوْلَ دَارِ عُثْمَانَ.
قَالَ عِيَاضٌ: وَلَفْظُهَا يَقْتَضِي أَنَّهَا مَوَاضِعُ جَرَتِ الْعَادَةُ بِالْقُعُودِ فِيهَا (فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ فَآذَنَهُ) أَعْلَمَهُ (بِصَلَاةِ الْعَصْرِ) قَالَ الْبَاجِيُّ: كَانَ الْمُؤَذِّنُ يُعْلِمُهُ بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ بَعْدَ الْأَذَانِ لِشُغْلِهِ بِأُمُورِ النَّاسِ.
(فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ) أَكَّدَ بِالْقَسَمِ وَاللَّامِ لِزِيَادَةِ تَحْرِيضِهِمْ عَلَى حِفْظِهِ وَعَدَمِ الِاغْتِرَارِ بِهِ (حَدِيثًا لَوْلَا أَنَّهُ) كَذَا رَوَاهُ يَحْيَى وَابْنُ بُكَيْرٍ بِالنُّونِ وَهَاءِ الضَّمِيرِ أَيْ لَوْلَا أَنَّ مَعْنَاهُ (فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ) أَيْ مَا كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى تَحْدِيثِكُمْ بِهِ لِئَلَّا تَتَّكِلُوا، وَرَوَاهُ أَبُو مُصْعَبٍ بِالْيَاءِ وَمَدِّ الْأَلِفِ وَهَاءِ التَّأْنِيثِ أَيْ لَوْلَا آيَةٌ تَتَضَمَّنُ مَعْنَاهُ قَالَهُ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ فِي فَتْحِ الْبَارِي أَنَّ النُّونَ تَصْحِيفٌ مِنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ نَشَأَ مِنْ زِيَادَةِ مُسْلِمٍ وَالْمُوَطَّأِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: لَوْلَا آيَةٌ مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ (ثُمَّ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنِ امْرِئٍ يَتَوَضَّأُ» ) وَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ: لَا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ (فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ) أَيْ يَأْتِي بِهِ بِكَمَالِ صِفَتِهِ وَآدَابِهِ وَالْفَاءُ بِمَعْنَى ثُمَّ لِأَنَّ إِحْسَانَ الْوُضُوءِ لَيْسَ مُتَأَخِّرًا عَنِ الْوُضُوءِ حَتَّى يُعْطَفَ عَلَيْهِ بِفَاءِ التَّعْقِيبِ بَلْ هِيَ لِبَيَانِ الْمَرْتَبَةِ، دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الْإِجَادَةَ فِي الْوُضُوءِ أَفْضَلُ وَأَكْمَلُ مِنَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْفَرْضِ مِنْهُ.
(ثُمَّ يُصَلِّي الصَّلَاةَ) الْمَكْتُوبَةَ كَمَا فِي مُسْلِمٍ (إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ صَلَاتِهِ بِالْوُضُوءِ (وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى) أَيِ الَّتِي تَلِيهَا كَمَا فِي مُسْلِمٍ (حَتَّى يُصَلِّيَهَا) قَالَ الْحَافِظُ: أَيْ يُشْرَعُ فِي الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَيْ يَفْرَغُ مِنْهَا فَحَتَّى غَايَةِ تَحَصُّلِ الْمُقَدَّرِ فِي الظَّرْفِ إِذِ الْغُفْرَانُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute