- ٧٠٩ ٧٠٣ (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ) بِضَمِّ الْعَيْنِ آخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَتَيْنِ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: كَذَا لِيَحْيَى وَمَعْنٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ بِكْرٍ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَيَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ: أَنَّ أَسْمَاءَ، وَعَلَى كُلٍّ هُوَ مُرْسَلٌ فَالْقَاسِمُ لَمْ يَلِقَ أَسْمَاءَ، وَقَدْ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ (وَلَدَتْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِالْبَيْدَاءِ) بِالْمَدِّ بِطَرَفِ ذِي الْحُلَيْفَةِ، (فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مُرْهَا فَلْتَغْتَسِلْ ثُمَّ لِتُهِلَّ» ) تُحْرِمْ وَتُلَبِّي، فَفِيهِ صِحَّةُ إِحْرَامِ النُّفَسَاءِ وَمِثْلُهَا الْحَائِضُ وَأَوْلَى مِنْهُمَا الْجُنُبُ لِأَنَّهُمَا شَارَكَتَاهُ فِي شُمُولِ اسْمِ الْحَدَثِ، وَزَادَتَا عَلَيْهِ بِسَيَلَانِ الدَّمِ وَلِذَا صَحَّ صَوْمُهُ دُونَهُمَا، وَالِاغْتِسَالُ لِلْإِحْرَامِ مُطْلَقًا، لِأَنَّ النُّفَسَاءَ إِذَا أُمِرَتْ بِهِ مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلطَّهَارَةِ كَالْحَائِضِ فَغَيْرُهُمَا أَوْلَى.
وَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ إِذَا أَمَرَ الشَّارِعُ شَخْصًا أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِفِعْلٍ أَيَكُونُ أَمْرًا لِذَلِكَ الْغَيْرِ أَمْ لَا؟ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ، فَأَمْرُهُ لِأَبِي بَكْرٍ أَنْ يَأْمُرَهَا لَيْسَ أَمْرًا لَهَا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهَا بِذَلِكَ وَأَبُو بَكْرٍ مُبَلِّغٌ لِأَمْرِهِ، وَجُعِلَ أَمْرًا لِأَمْرِ أَبِي بَكْرٍ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " «نَفِسَتْ أَسْمَاءُ بِمُحَمَّدَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالشَّجَرَةِ فَأَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ» "، بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ وَجَّهَ الْخِطَابَ إِلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّبْلِيغِ، وَفِيهِ كَمَا قَالَ عِيَاضٌ: إِنَّ عَادَةَ الصَّحَابَةِ تَحَمُّلُ السُّنَنِ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَاكْتِفَاؤُهُمْ بِذَلِكَ عَنْ سَمَاعِهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ الْأَمْرُ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ لَا يُرَخَّصُ فِي تَرْكِهَا إِلَّا لِعُذْرٍ، وَهُوَ آكَدُ اغْتِسَالَاتِ الْحَجِّ.
وَقَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ: أَنَّهُ آكَدُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَأَوْجَبَهُ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَالْحَسَنُ وَعَطَاءٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ عَلَى مُرِيدِ الْإِحْرَامِ طَاهِرًا أَمْ لَا، وَفِيهِ أَنَّ رَكْعَتَيِ الْإِحْرَامِ لَيْسَتَا شَرْطًا فِي الْحَجِّ لِأَنَّ أَسْمَاءَ لَمْ تُصَلِّهِمَا.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ: " «أَنَّهُ خَرَجَ حَاجًّا مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ فَوَلَدَتْ مُحَمَّدًا بِالشَّجَرَةِ، فَأَخْبَرَ أَبُو بَكْرٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْمُرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ بِالْحَجِّ وَتَصْنَعَ مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ إِلَّا أَنَّهَا لَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ» "، وَرَوَاهُ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَرَوِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَلِهَذَا الِاخْتِلَافِ فِي إِسْنَادِهِ أَرْسَلَهُ مَالِكٌ فَكَثِيرًا مَا كَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ انْتَهَى.
لَكِنَّهُ اخْتِلَافٌ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ وَلَا فِي وَصْلِهِ، لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ لِعُبَيْدِ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute