للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَسْفَلُهَا الشَّامُ وَالْعِرَاقُ (مِنْ قَرْنٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَنُونٌ بِلَا إِضَافَةٍ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَرْنُ الْمَنَازِلِ بِلَفْظِ جَمْعِ الْمَنْزِلِ، وَالْمُرَكَّبُ الْإِضَافِيُّ هُوَ اسْمُ الْمَكَانِ، وَضَبَطَ الْجَوْهَرِيُّ " قَرْنَ " بِفَتْحِ الرَّاءِ وَغَلَّطُوهُ، وَبَالَغَ النَّوَوِيُّ فَحَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى تَخْطِئَتِهِ فِي ذَلِكَ وَفِي نِسْبَةِ أُوَيْسٍ الْقَرْنِيِّ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى قَبِيلَةِ بَنِي قَرْنٍ، بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ، لَكِنْ حَكَى عِيَاضٌ عَنِ الْقَابِسِيِّ أَنَّ مَنْ سَكَّنَ الرَّاءَ أَرَادَ الْجَبَلَ، وَمَنْ فَتَحَ أَرَادَ الطَّرِيقَ، وَالْجَبَلُ الْمَذْكُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ مُرْحَلَتَانِ، وَفِي أَخْبَارِ مَكَّةَ لِلْفَاكِهِيِّ أَنَّ قَرْنَ الثَّعَالِبِ جَبَلٌ مُشْرِفٌ عَلَى أَسْفَلِ مِنًى بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْجِدِ مِنًى أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ سُمِّيَ قَرْنُ الثَّعَالِبِ لِكَثْرَةِ مَا كَانَ يَأْوِي إِلَيْهِ مِنَ الثَّعَالِبِ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمَوَاقِيتِ.

(قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ) بْنِ الْخَطَّابِ رَاوِي الْحَدِيثِ: ( «وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ» ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ، مَكَانٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ بَيْنَهُمَا ثَلَاثُونَ مِيلًا، وَيُقَالُ: أَلَمْلَمُ بِالْهَمْزَةِ، وَهُوَ الْأَصْلُ وَالْيَاءُ تَسْهِيلٌ لَهَا، وَحَكَى ابْنُ السَّيِّدِ فِيهِ يَرَمْرَمَ بِرَاءَيْنِ بَدَلَ اللَّامَيْنِ.

وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: لَمْ أَفْقَهْ هَذِهِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ: وَزَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ، وَهُوَ مِنَ اسْتِعْمَالِ الزَّعْمِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُحَقَّقِ، وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الَّذِي بَلَّغَ ابْنَ عُمَرَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَجَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: أَحْسَبُهُ رَفَعَهُ، وَعَائِشَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَالْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو السَّهْمِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مُرْسَلَ الصَّاحِبِ صَحِيحٌ حُجَّةٌ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ قَوْلَ أَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى وَأَبُو دَاوُدَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>