للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَكَّةَ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ لِيَحْصُلَ لَهُ مِنَ الشَّعَثِ مَا يُسَاوِي مَنْ أَحْرَمَ مِنَ الْمِيقَاتِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالْخِلَافُ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ وَالْمَذَاهِبِ كَانَ مَوْجُودًا فِي الصَّحَابَةِ، وَهُوَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَصَحُّ مَا يَكُونُ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا بِالتَّأْوِيلِ الْمُحْتَمَلِ فِيمَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ وَفِيمَا انْفَرَدَ بَعْضُهُمْ بِعِلْمِهِ دُونَ بَعْضٍ، وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَاخْتَلَفَ فِيهِ مَنْ بَعْدَهُمْ فَلَيْسَ اخْتِلَافُهُمْ بِشَيْءٍ، وَفِيهِ أَنَّ الْحُجَّةَ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ السُّنَّةُ وَأَنَّهَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا وَلَيْسَ مَنْ خَالَفَهَا حُجَّةٌ عَلَيْهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَسْتَوْحِشْ مِنْ مُفَارَقَةِ أَصْحَابِهِ إِذْ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ عِلْمٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ: الْجَمَاعَةُ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ، وَلَعَلَّكَ وَهِمْتَ، كَمَا يَقُولُ الْيَوْمَ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بَلِ انْقَادَ لِلْحَقِّ إِذْ سَمِعَهُ وَهَكَذَا يَلْزَمُ الْجَمِيعَ انْتَهَى.

وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الطَّهَارَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَفِي اللِّبَاسِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي الْحَجِّ وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى وَكُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>