وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ وَكَانَ يَتِيمًا فِي حَجْرِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ»
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُهِلَّ بَعْدَهُ بِعُمْرَةٍ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ
قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ الَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا
ــ
٧٤٨ - ٧٤٠ - (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ) مَالِكٌ (وَكَانَ يَتِيمًا فِي حَجْرِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ) وَلِذَا اشْتُهِرَ بِيَتِيمِ عُرْوَةَ، (عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ) بْنِ الْعَوَّامِ (عَنْ) خَالَتِهِ (عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ» ) ، وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ تَحَلَّلَ مِنْهُ بِمِنًى، وَلَمْ يَعْتَمِرْ تِلْكَ السَّنَةَ كَمَا قِيلَ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَنْ رَجَّحَ أَنَّهُ كَانَ مُفْرِدًا كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَأَعَادَ الْإِمَامُ هَذَا الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا كَأَنَّهُ لِأَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي الْأَسْوَدِ بِالْوَجْهَيْنِ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ بِهِ مُخْتَصَرًا.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي صِفَةِ حَجِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُخْبِرُ عَنْ مُشَاهَدَةٍ فِي قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ عِيَاضٌ: أَجَابَ الطَّحَاوِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ ثُمَّ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ ثُمَّ الْمُهَلَّبُ أَخُوهُ وَابْنُ الْمُرَابِطِ وَابْنُ الْقَصَّارِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُمْ بِمَا مُلَخَّصُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ لِلنَّاسِ فِعْلَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ لِيَدُلَّ عَلَى جَوَازِ جَمِيعِهَا، إِذْ لَوْ أَمَرَ بِوَاحِدٍ لَظُنَّ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يَجْزِي، فَأُضِيفَ الْجَمِيعُ إِلَيْهِ وَأَخْبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ وَأَبَاحَهُ لَهُ وَنَسَبَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَّا لِأَمْرِهِ بِهِ وَإِمَّا لِتَأْوِيلِهِ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا إِحْرَامُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ فَأَخْذٌ بِالْأَفْضَلِ فَأَحْرَمَ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ وَبِهِ تَظَاهُرُ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ.
وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ بِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَتِّعًا فَمَعْنَاهَا أَمَرَ بِهِ.
وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ بِأَنْ كَانَ قَارِنًا فَلَيْسَ إِخْبَارًا عَنِ ابْتِدَاءِ إِحْرَامِهِ بَلْ إِخْبَارٌ عَنْ حَالِهِ حِينَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالتَّحَلُّلِ مِنَ حَجِّهِمْ وَقَلْبِهِ إِلَى عُمْرَةٍ لِمُخَالَفَةِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَكَانَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ فِي آخِرِ إِحْرَامِهِمْ قَارِنِينَ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ أَدْخَلُوا الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ، وَفَعَلَ ذَلِكَ مُوَاسَاةً لِأَصْحَابِهِ وَتَأْنِيسًا لَهُمْ فِي فِعْلِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُنْكَرَةً عِنْدَهُمْ فِي أَشْهُرِهِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّحَلُّلُ مَعَهُمْ بِسَبَبِ الْهَدْيِ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ فِي تَرْكِ مُوَاسَاتِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute