رَأَىَ رَجُلًا) ، هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ (مُتَجَرِّدًا بِالْعِرَاقِ) ، أَيِ الْبَصْرَةِ، (فَسَأَلَ النَّاسَ عَنْهُ، فَقَالُوا: إِنَّهُ أَمَرَ بِهَدْيِهِ أَنْ يُقَلَّدَ، فَلِذَلِكَ تَجَرَّدَ، قَالَ رَبِيعَةُ: فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: بِدْعَةٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ) ، أَقْسَمَ عَلَى ذَلِكَ اعْتِمَادًا عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ، وَهِيَ خَالَتُهُ، إِذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْسِمَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ إِلَّا وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ السُّنَّةَ خِلَافُهُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ اعْتَمَدَ الْقِيَاسَ، وَهُوَ لَا يُعْتَبَرُ فِي مُقَابَلَةِ السُّنَّةِ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ الثَّقَفِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ رَبِيعَةَ، أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْبَصْرَةِ فِي زَمَانِ عَلِيٍّ مُتَجَرِّدًا عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ، فَذَكَرَهُ، فَعُرِفَ اسْمُ الْمُبْهَمِ، وَتُعُيِّنَ خُصُوصُ الْمَحَلِّ مِنَ الْعِرَاقِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ.
(وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ خَرَجَ بِهَدْيٍ لِنَفْسِهِ، فَأَشْعَرَهُ، وَقَلَّدَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ) - مِيقَاتُ الْمَدِينَةِ - (وَلَمْ يُحْرِمْ هُوَ حَتَّى جَاءَ الْجُحْفَةَ) - مِيقَاتُ الشَّامِ وَمِصْرَ - وَنَحْوِهِمَا، (قَالَ: لَا أُحِبُّ ذَلِكَ، وَلَمْ يُصِبْ مَنْ فَعَلَهُ) ، أَيْ أَخْطَأَ، لِأَنَّ إِنْ كَانَ مِيقَاتُهُ الْمَدِينَةَ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ تَعَدِّيهِ حِلًّا، وَإِنْ كَانَ مِيقَاتُهُ الْجُحْفَةَ، فَقَدَ أَفَاتَ نَفْسَهُ الْفَضِيلَةَ، (وَ) أَخْطَأَ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ (لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ الْهَدْيَ، وَلَا يُشْعِرَهُ إِلَّا عِنْدَ الْإِهْلَالِ) اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ، (إِلَّا رَجُلٌ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ، فَيَبْعَثُ بِهِ، وَيُقِيمُ فِي أَهْلِهِ) ، كَفِعْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(وَسُئِلَ مَالِكٌ: هَلْ يَخْرُجُ بِالْهَدْيِ غَيْرُ مُحْرِمٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ) ، أَيْ يَجُوزُ، لَكِنْ لَا يَتَجَاوَزُ بِهِ الْمِيقَاتَ إِلَّا وَهُوَ مُحْرِمٌ، إِلَّا أَنْ لَا يُرِيدَ دُخُولَ مَكَّةَ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ مِنَ الْإِحْرَامِ) ، أَيِ: التَّجَرُّدِ (لِتَقْلِيدِ الْهَدْيِ مِمَّنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ، وَلَا الْعُمْرَةَ) ، كَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُوَافِقِيهِ، (فَقَالَ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا) بِالْمَدِينَةِ (الَّذِي نَأْخُذُ بِهِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ عَائِشَةَ - أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ بِهَدْيِهِ، ثُمَّ أَقَامَ، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، حَتَّى نُحِرَ هَدْيُهُ» )
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute