للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَمْنَعُكُمْ مِنْ ذَلِكَ؟ قَدِ اعْتَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَهُ كُلَّهَا قَبْلَ حَجِّهِ، فَاعْتَمَرْنَا.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْحَجِّ كَانَ قَدْ نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ اعْتِمَارِهِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ، هَلِ الْحَجُّ عَلَى الْفَوْرِ، أَوِ التَّرَاخِي؟ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي، إِذْ لَوْ كَانَ وَقْتُهُ مُضَيَّقًا لَوَجَبَ إِذَا أَخَّرَهُ إِلَى سَنَةٍ أُخْرَى، أَنْ يَكُونَ قَضَاءً، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ.

وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ الْقَضَاءَ خَاصٌّ بِمَا وُقِّتَ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ مُضَيَّقٍ، كَالصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَا يُعَدُّ تَأْخِيرُهُ قَضَاءٌ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْفَوْرِ، أَوْ عَلَى التَّرَاخِي، كَمَا فِي الزَّكَاةِ يُؤَخِّرُهَا بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَدَائِهَا فَوْرًا، فَإِنَّهُ إِثْمٌ، وَلَا يُعَدُّ أَدَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَضَاءً، بَلْ هُوَ أَدَاءٌ، وَمِنْ ذَلِكَ الْإِسْلَامُ وَاجِبٌ عَلَى الْكُفَّارِ فَوْرًا، فَلَوْ تَرَاخَى عَنْهُ كَافِرٌ، ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يُعَدُّ ذَلِكَ قَضَاءً، وَنُوزِعَ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ تَقْدِيمِ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ عَلَى الْآخَرِ نَفْيُ الْفَوْرِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>