أَبِي رَافِعٍ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا لِسَنَدِهِ غَيْرَ مَطَرٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا غَلَطٌ مِنْ مَطَرٍ، لِأَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ، وَقِيلَ: سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَمَاتَ أَبُو رَافِعٍ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ عُثْمَانَ بِقَلِيلٍ، وَقُتِلَ عُثْمَانُ فِي الْحِجَّةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْمَعَ سُلَيْمَانُ مِنْ أَبِي رَافِعٍ، انْتَهَى.
وَهُوَ مُمْكِنٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فِي وِلَادَتِهِ، لِأَنَّهُ أَدْرَكَ نَحْوَ ثَمَانِ سِنِينَ مِنْ حَيَاةِ أَبِي رَافِعٍ، فَلَا يُسْتَغْرَبُ سَمَاعُهُ مِنْهُ.
(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ أَبَا رَافِعٍ) ، اسْمُهُ عَلَى أَشْهَرِ الْأَقْوَالِ الْعَشَرَةِ: أَسْلَمُ (مَوْلَاهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ) ، هُوَ أَوْسُ بْنُ خَوْلِيٍّ، كَمَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ سَعْدٍ، (فَزَوَّجَاهُ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ) الْهِلَالِيَّةَ، آخِرَ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا مِمَّنْ دَخَلَ بِهِنَّ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: فَزَوَّجَاهُ أَنَّهُ وَكَلَّهُمَا فِي قَبُولِ النِّكَاحِ لَهُ، لَكِنْ، رَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " «لَمَّا خَطَبَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَتْ أَمْرَهَا إِلَى الْعَبَّاسِ، فَأَنْكَحَهَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَبِلَ النِّكَاحَ بِنَفْسِهِ، وَيُقَوِّيهِ رِوَايَةُ ابْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِمَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَلَمَّا حَلَّ تَزَوَّجَهَا، فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: فَزَوَّجَاهُ عَلَى مَعْنَى خَطَبَا لَهُ فَقَطْ مَجَازًا.
(وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ) إِلَى عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ.
وَفِي مُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ، عَنْ مَيْمُونَةَ: «تَزَوَّجَنِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ حَلَالَانِ بِسَرِفٍ» .
زَادَ الْبَرْقَانِيُّ: " وَبَنَى بِي حَلَالًا "، فَأَفَادَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ وُقُوعَ الْعَقْدِ، وَهُوَ حَلَالٌ.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنِ حِبَّانَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: " «تَزَوَّجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَيْمُونَةَ، وَهُوَ حَلَالٌ وَبَنَى بِهَا، وَهُوَ حَلَالٌ، وَكُنْتُ أَنَا الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا» "، وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ مَيْمُونَ بْنِ مَهْرَانَ، قَالَ: " «دَخَلْتُ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، وَهِيَ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ، فَسَأَلْتُهَا: أَتَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَيْمُونَةَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَتْ: لَا، وَاللَّهِ لَقَدْ تَزَوَّجَهَا وَإِنَّهُمَا لَحَلَالَانِ» "، وَأَخْرَجَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ فِي زِيَادَاتِ الْمَغَازِي وَغَيْرِهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ: " «تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَيْمُونَةَ، وَهُوَ حَلَالٌ وَبَنَى بِهَا بِسَرِفٍ فِي قُبَّةٍ لَهَا، وَمَاتَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهَا» "، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الرِّوَايَةُ بِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، وَهُوَ حَلَالٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ مَيْمُونَةَ نَفْسِهَا، وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، مَوْلَاهَا، وَعَنْ يَزِيدَ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِهَا، وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ رَوَى أَنَّهُ نَكَحَهَا، وَهُوَ مُحْرِمٌ إِلَّا ابْنَ عَبَّاسٍ.
وَرِوَايَةُ مَنْ ذَكَرَ مُعَارِضَةٌ لِرِوَايَتِهِ، وَالْقَلْبُ إِلَى رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ أَمْيَلُ، لِأَنَّ الْوَاحِدَ أَقْرَبُ إِلَى الْغَلَطِ، انْتَهَى.
وَفِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: وَهِمَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَزْوِيجِ مَيْمُونَةَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَإِنْ كَانَتْ خَالَتُهُ مَا تَزَوَّجَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا بَعْدَمَا حَلَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute