أَمْيَالٍ، وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ، وَغَيْرِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ ذَلِكَ بِعُسْفَانَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالصَّحِيحُ بِالْقَاحَةِ، وَهِيَ بِالْقَافِ، وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْخَفِيفَةِ.
(تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ) ، وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ: " وَهُمْ مُحْرِمُونَ، وَأَنَا رَجُلٌ حِلٌّ عَلَى فَرَسِي، وَكُنْتُ رَقَّاءً عَلَى الْجِبَالِ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ، إِذْ رَأَيْتُ النَّاسَ مُتَشَوِّقِينَ، فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ، (فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا، فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ) فِي رِوَايَةِ عَمْرٍو: " وَكُنْتُ نَسِيتُ سَوْطِيَ " وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ: " ثُمَّ رَكِبْتُهُ، فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي "، فَلَعَلَّهُ أَطْلَقَ النِّسْيَانَ عَلَى السُّقُوطِ، أَوْ عَكْسِهِ تَجُوُّزًا، (فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ) ، فِي رِوَايَةِ عَمْرٍو: " قَالُوا: لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ "، (فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ، فَأَبَوْا، فَأَخَذَهُ، ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ، فَقَتَلَهُ) ، فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ: " قُلْتُ: نَاوِلُونِي السَّوْطَ، قَالُوا: وَاللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَنَزَلْتُ، فَتَنَاوَلْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ، فَأَدْرَكْتُ الْحِمَارَ مِنْ خَلْفِهِ، وَهُوَ وَرَاءَ أَكَمَةٍ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي فَعَقَرْتُهُ "، أَوْ فِي رِوَايَةِ عَمْرٍو: " فَأَتَيْتُ إِلَيْهِمْ، فَقُلْتُ لَهُمْ: قُومُوا فَاحْتَمِلُوا، قَالُوا: لَا نَمَسُّهُ، فَحَمَلْتُهُ حَتَّى جِئْتُهُمْ بِهِ "، (فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَى بَعْضُهُمْ) مِنَ الْأَكْلِ، وَفِيهِ جَوَازُ الِاجْتِهَادِ فِي الْفُرُوعِ، وَالِاخْتِلَافُ فِيهَا إِذَا اسْتَنَدَ كُلٌّ إِلَى دَلِيلٍ فِي ظَنِّهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: " ثُمَّ أَنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ وَهُمْ حُرُمٌ "، وَفِي أُخْرَى: " فَقُلْنَا: إِنَّا نَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ "، (فَلَمَّا أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ) ، أَيْ ذَكَرُوا لَهُ الْقِصَّةَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ، وَأَنَّ أَصْحَابَهُ لَمْ يُعِينُوهُ بِمُنَاوَلَةِ سَوْطٍ، وَلَا رُمْحٍ، وَلَا غَيْرِهِمَا، وَفِي رِوَايَةِ عَمْرٍو: " وَأَبَى بَعْضُهُمْ، فَقُلْتُ لَهُمْ: أَنَا أَسْتَوْقِفُ لَكُمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَدْرَكْتُهُ، فَحَدَّثْتُهُ "، الْحَدِيثَ.
وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ: " فَقُلْنَا: نَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ؟ وَفِي أُخْرَى: أَوْ أَعَانَهُ؟ قَالُوا: لَا، (فَقَالَ) : فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا (إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ) - بِضَمِّ الطَّاءِ، وَسُكُونِ الْعَيْنِ - أَيْ طَعَامٌ (أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ) ، عَزَّ وَجَلَّ.
وَفِيهِ جَوَازُ أَكْلِ الْمُحْرِمِ لَحْمَ الصَّيْدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ دَلَالَةٌ، أَوْ إِعَانَةٌ عَلَيْهِ، أَوْ إِشَارَةٌ إِلَيْهِ، فَإِنْ صَادَهُ، أَوْ صِيدَ لِأَجْلِهِ بِإِذْنِهِ، أَمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ حَرُمَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، لِحَدِيثِ جَابِرٍ، مَرْفُوعًا: " «صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ مَا لَمْ تَصِيدُوهُ، أَوْ يُصَادَ لَكُمْ» "، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَطَائِفَةٌ: يَجُوزُ أَكْلُ مَا صِيدَ لِأَجْلِهِ لِظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ صَادَهُ لِأَجْلِهِمْ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى نَقْلٍ أَنَّهُ صَادَهُ لِأَجْلِهِمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute