قَوْلَهُ عَنِ الْبَهْزِيِّ إِلَى قَوْلِهِ: أَنَّ الْبَهْزِيَّ ظَنًّا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، لِكَوْنِ الرَّاوِي غَيْرَ مُدَلِّسٍ، فَيَسْتَوِي فِي حَقِّهِ الصِّيغَتَانِ، انْتَهَى.
وَلَا يَظْهَرُ جَوَابُهُ مَعَ قَوْلِهِ حَدَّثَهُ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ يُرِيدُ مَكَّةَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ) - بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَإِسْكَانِ الْوَاوِ، وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ، وَالْمَدِّ - مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، (إِذَا حِمَارٌ وَحْشِيٌّ عَقِيرٌ) ، أَيْ مَعْقُورٌ، (فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا حِمَارٌ عَقِيرٌ، كَمَا فِي رِوَايَةٍ، (فَقَالَ: دَعُوهُ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ صَاحِبُهُ، فَجَاءَ الْبَهْزِيُّ، وَهُوَ صَاحِبُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَأْنُكُمْ بِهَذَا الْحِمَارِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ) الصِّدِّيقَ، (فَقَسَّمَهُ بَيْنَ الرِّفَاقِ) - بِكَسْرِ الرَّاءِ، مَصْدَرٌ كَالْمُرَافَقَةِ - قَالَهُ فِي الْمَشَارِقِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جَمْعُ رُفْقَةٍ - بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا - الْقَوْمُ الْمُتَرَافِقُونَ فِي السَّفَرِ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: فِيهِ جَوَازُ هِبَةِ الْمُشَارِعِ، وَأَنَّ الصَّائِدَ إِذَا أَثْبَتَ الصَّيْدَ بِرُمْحِهِ، أَوْ نُبْلِهِ فَقَدْ مَلَكَهُ، لِأَنَّهُ سَمَّاهُ صَاحِبَهُ، وَأَنَّ صَيْدَ الْحَلَالِ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ إِذَا لَمْ يُصَدْ لَهُ، وَرَدٌّ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِ فِي اشْتِرَاطِهِمُ التَّرَاخِيَ فِي الطَّلَبِ، لِأَنَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقُلْ لِلْبَهْزِيِّ: هَلْ تَرَاخَيْتَ فِي الطَّلَبِ؟ وَأَبَاحَ أَكْلَهُ لِأَصْحَابِهِ الْمُحْرِمِينَ.
(ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْأُثَايَةِ) - بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَمُثَلَّثَةٍ، فَأَلِفٍ، فَتَحْتِيَّةٍ فِيهَا - مَوْضِعٌ، أَوْ بِئْرٌ (بَيْنَ الرُّوَيْثَةِ) - بِضَمِّ الرَّاءِ، وَفَتْحِ الْوَاوِ، وَإِسْكَانِ التَّحْتِيَّةِ، وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ، وَالْهَاءِ - مَوْضِعٌ، (وَالْعَرْجِ) - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ، وَإِسْكَانِ الرَّاءِ، وَبِالْجِيمِ - مَوْضِعٌ بَيْنَ الْحَرَمَيْنِ، (إِذَا ظَبْيٌ حَاقِفٌ) - بِمُهْمَلَةٍ، فَأَلِفٍ، فَقَافٍ، فَفَاءٍ، أَيْ وَاقِفٌ مُنْحَنٍ رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى رِجْلَيْهِ، وَقِيلَ: الْحَاقِفُ الَّذِي لَجَأَ إِلَى حِقْفٍ، وَهُوَ مَا انْعَطَفَ مِنَ الرَّمْلِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَاقِفٌ يَعْنِي: قَدِ انْحَنَى، وَتَثَنَّى فِي نَوْمِهِ، (فِي ظِلٍّ فِيهِ سَهْمٌ) زَادَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِسَنَدٍ، عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ: " «فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا ظَبْيٌ حَاقِفٌ فِي ظِلٍّ فِيهِ سَهْمٌ، فَقَالَ: لَا يَعْرِضُ لَهُ حَتَّى يَمُرَّ آخِرُ النَّاسِ» "، (فَزَعَمَ) ، أَيْ قَالَ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ رَجُلًا) لَمْ يُسَمَّ (أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ، لَا يَرِيبُهُ) - بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَكَسْرِ الرَّاءِ، فَتَحْتِيَّةٍ، فَمُوَحَّدَةٍ - قَالَ أَبُو عُمَرَ: أَيْ لَا يَمَسُّهُ، وَلَا يُحَرِّكُهُ، وَلَا يُهَيِّجُهُ (أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يُجَاوِزَهُ) ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُنَفِّرَ الصَّيْدَ، وَلَا يُعِينَ عَلَيْهِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ، وَغَيْرُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute