لَيْلَةٍ، وَقَدْ أَخَذَتْ فَأْرَةٌ فَتِيلَةً لِتَحْرِقَ عَلَيْهِ الْبَيْتَ، فَقَامَ إِلَيْهَا وَقَتَلَهَا، وَأَحَلَّ قَتْلَهَا لِلْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ» ".
وَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ، فَجَاءَتْ بِهَا فَأَلْقَتْهَا بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا، فَاحْتَرَقَ مِنْهَا مَوْضِعُ دِرْهَمٍ " زَادَ الْحَاكِمُ: " «فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدُلُّ مِثْلَ هَذِهِ عَلَى هَذَا فَتُحْرِقَكُمْ» " قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَيْسَ فِي الْحَيَوَانِ أَفْسَدُ مِنَ الْفَأْرِ، لِأَنَّهُ لَا يُبْقِي عَلَى حَقِيرٍ وَلَا جَلِيلٍ إِلَّا أَهْلَكَهُ وَأَتْلَفَهُ.
(وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ) بِمَعْنَى عَاقِرٍ، أَيْ جَارِحٌ، وَهُوَ كُلُّ سَبُعٍ وَجَارِحٍ يَعْقِرُ، وَيَفْتَرِسُ، كَمَا أَفَادَهُ الْإِمَامُ بَعْدُ، وَفِيهِ جَوَازُ قَتْلِ الْمَذْكُورَاتِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَحُكِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ: لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُ الْفَأْرَةِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ خَارِجٌ عَنْ أَقَاوِيلِ الْعُلَمَاءِ.
وَعَنْ عَلِيٍّ، وَمُجَاهِدٍ: " «لَا يَقْتُلُ الْغُرَابَ، وَلَكِنْ يَرْمِيهِ» "، قَالَ عِيَاضٌ: لَا يَصِحُّ عَنْ عَلِيٍّ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، لَكِنْ يُوَافِقُهُ مَا لِأَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ.
وَقَالَ حَسَنٌ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، مَرْفُوعًا: " «وَيَرْمِي الْغُرَابَ، وَلَا يَقْتُلُهُ» " قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُشْبِهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْغُرَابُ الصَّغِيرُ الَّذِي يَأْكُلُ الْحَبَّ، وَهُوَ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ مَالِكٌ مِنْ جُمْلَةِ الْغِرْبَانِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: فِيهِ الْفِدْيَةُ، وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَاللَّيْثُ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَأَيُّوبُ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ كُلُّ هَؤُلَاءِ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ: عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا ابْنُ جُرَيْجٍ وَحْدَهُ، وَتَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute