- (مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ فِي الْحَرَمِ) ، إِمَّا لِأَنَّهُ بَلَغَهُ الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ الْحَيَّةُ، وَإِمَّا لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنَ الْعَقْرَبِ.
قَالَ الْأَبِّيُّ: وَقَدْ صَحَّ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ حَيَّاتِ الْبُيُوتِ بِلَا إِنْذَارٍ، فَهُوَ مُخَصَّصٌ لِهَذَا الْعُمُومِ، وَالْإِنْذَارُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي حَيَّاتِ بُيُوتِ الْمَدِينَةِ آكَدُ مِنْ حَيَّاتِ بُيُوتِ غَيْرِهَا.
(قَالَ مَالِكٌ فِي) تَفْسِيرِ (الْكَلْبِ الْعَقُورِ الَّذِي أُمِرَ بِقَتْلِهِ فِي الْحَرَمِ: أَنَّ كُلَّ مَا عَقَرَ النَّاسَ) جَرَحَهُمْ، (وَعَدَا عَلَيْهِمْ، وَأَخَافَهُمْ مِثْلَ الْأَسَدِ،) يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَيُجْمَعُ عَلَى أُسُودٍ، وَرُبَّمَا قِيلَ أَسَدَةٌ لِلْأُنْثَى.
(وَالنَّمِرِ) - بِفَتْحِ النُّونِ، وَكَسْرِ الْمِيمِ، وَيَجُوزُ التَّخْفِيفُ - بِكَسْرِ النُّونِ، وَسُكُونِ الْمِيمِ - سَبُعٌ أَخْبَثُ، وَأَجْرَأُ مِنَ الْأَسَدِ.
(وَالْفِهْدِ) - بِكَسْرِ الْفَاءِ، وَسُكُونِ الْهَاءِ - سَبُعٌ مَعْرُوفٌ، وَالْأُنْثَى فِهْدَةٌ.
(وَالذِّيبِ) - بِالْهَمْزِ، وَعَدَمِهِ - يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَرُبَّمَا قِيلَ: ذِيبَةٌ - بِالْهَاءِ - (فَهُوَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ) ، وَبِهَذَا قَالَ السُّفْيَانَانِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَالْجُمْهُورُ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: الْمُرَادُ الْكَلْبُ الْمَعْرُوفُ خَاصَّةً، وَأَلْحَقُوا بِهِ الذِّئْبَ، وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: وَالسَّبُعُ الْعَادِيُّ، فَكُلُّ مَا كَانَ هَذَا نَعْتًا لَهُ مِنْ أَسَدٍ، وَنَمِرٍ، وَنَحْوِهِمَا هَذَا الْحُكْمُ.
وَحَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ، وَحَسَّنَهُ: " «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا عَلَى عُتَيْبَةَ بِالتَّصْغِيرِ ابْنِ أَبِي لَهَبٍ: اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ، فَعَدَا عَلَيْهِ الْأَسَدُ، فَقَتَلَهُ» ".
(وَأَمَّا مَا كَانَ مِنَ السِّبَاعِ لَا يَعْدُو مِثْلُ الضَّبُعِ) - بِضَمِّ الْبَاءِ، لُغَةُ قَيْسٍ، وَسُكُونِهَا، لُغَةُ تَمِيمٍ - وَهِيَ أُنْثَى، وَقِيلَ: يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَرُبَّمَا قِيلَ فِي الْأُنْثَى: ضَبُعَةٌ.
(وَالثَّعْلَبِ) يَقَعُ عَلَى الْأُنْثَى وَالذَّكَرِ، وَيُخْتَصُّ بِثُعْلُبَانِ - بِضَمِّ الثَّاءِ، وَاللَّامِ - قَالَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ فِي الْأُنْثَى: ثَعْلَبَةٌ بِالْهَاءِ.
(وَالْهِرِّ) ذَكَرُ الْقِطِّ، وَالْأُنْثَى هِرَّةٌ، قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الْهِرُّ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، وَرُبَّمَا دَخَلَتْ فِيهَا الْهَاءُ، وَتَصْغِيرُهَا هُرَيْرَةُ.
(وَمَا أَشْبَهَهُنَّ مِنَ السِّبَاعِ) ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: يَقَعُ السَّبُعُ عَلَى كُلِّ مَا لَهُ نَابٌ يَعْدُو بِهِ، وَيَفْتَرِسُ، كَالذِّئْبِ، وَالْفَهْدِ، وَالنَّمِرِ، وَأَمَّا الثَّعْلَبُ، فَلَيْسَ بِسَبُعٍ، وَإِنْ كَانَ لَهُ نَابٌ، لِأَنَّهُ لَا يَعْدُو بِهِ، وَلَا يَفْتَرِسُ، وَكَذَا الضَّبُعُ، وَعَلَى هَذَا فَعَدُّهُمَا فِي السِّبَاعِ تَجَوُّزٌ عَلَاقَتُهُ الْمُشَابَهَةُ لِلسِّبَاعِ فِي النَّابِ وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِسْ بِهِ، (فَلَا يَقْتُلُهُنَّ