للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتَبِعَهُ بْنُ عِيَاضٍ، وَغَيْرُهُ أَنَّ الرَّشِيدَ، أَوْ أَبَاهُ الْمَهْدِيَّ، أَوْ جَدَّهُ الْمَنْصُورَ أَرَادَ أَنْ يُعِيدَ الْكَعْبَةَ عَلَى مَا فَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَنَاشَدَهُ مَالِكٌ وَقَالَ: أَخْشَى أَنْ تَصِيرَ مِلْعَبَةً لِلْمُلُوكِ، فَتَرَكَ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ خَشْيَةُ جَدِّهِمُ الْأَعْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَإِنَّهُ أَشَارَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ لَمَّا أَرَادَ هَدْمَهَا، وَتَجْدِيدَ بِنَائِهَا بِأَنْ يَرُمَّ مَا وَهِيَ مِنْهَا، وَلَا يَتَعَرَّضَ لَهَا بِزِيَادَةٍ، وَلَا نَقْصٍ، وَقَالَ: لَا آمَنُ مَنْ يَجِيءُ بَعْدَكَ، فَيُغَيِّرُ الَّذِي صَنَعْتَ، أَخْرَجَهُ الْفَاكِهِيُّ.

وَلَمْ يَتَّفِقْ لِأَحَدٍ مِنَ الْخُلَفَاءِ، وَلَا غَيْرِهِمْ تَغْيِيرُ شَيْءٍ مِمَّا صَنَعَهُ الْحَجَّاجُ إِلَى الْآنِ، إِلَّا فِي الْمِيزَابِ، وَالْبَابِ، وَعَتَبَتِهِ، وَكَذَا وَقَعَ تَرْمِيمُ الْجِدَارِ وَالسَّقْفِ، وَسُلَّمِ السَّطْحِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَجُدِّدَ فِيهَا الرُّخَامُ.

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَوَّلُ مَنْ فَرَشَهَا بِالرُّخَامِ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَتَحَصَّلَ مِنَ الْآثَارِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهَا بُنِيَتْ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بَنَاهَا بَعْدَ قُصَيٍّ، وَقَبْلَ بِنَاءِ قُرَيْشٍ، قَالَ الْفَاسِيُّ: وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ وَهْمًا، قَالَ: وَاسْتَمَرَّ بِنَاءُ الْحَجَّاجِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، وَسَيَبْقَى عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ تُخَرِّبَهَا الْحَبَشَةُ، وَتُقِلَّهَا حَجَرًا حَجَرًا كَمَا فِي الْحَدِيثِ.

وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّ هَذَا الْبِنَاءَ لَا يُغَيَّرُ، انْتَهَى.

وَقَالَ الْحَافِظُ: مِمَّا تَعْجَبُ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَّفِقْ الِاحْتِيَاجُ فِي الْكَعْبَةِ إِلَّا فِيمَا صَنَعَهُ الْحَجَّاجُ، إِمَّا مِنَ الْجِدَارِ الَّذِي بَنَاهُ فِي الْجِهَةِ الشَّامِيَّةِ، وَإِمَّا فِي السُّلَّمِ الَّذِي جَدَّدَهُ لِلسَّطْحِ، أَوْ لِلْعَتَبَةِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ لِزِيَادَةٍ مَحْضَةٍ، كَالرُّخَامِ، أَوْ لِتَحْسِينٍ كَالْبَابِ، وَالْمِيزَابِ، وَكَذَا مَا رَوَاهُ الْفَاكِهِيُّ بِرِجَالٍ ثِقَاتٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ بَكْرِ بْنِ حَبِيبٍ السَّهْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ - هُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ - قَالَ: جَاوَرْتُ بِمَكَّةَ، فَعَابَتْ - بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ، وَمُوَحَّدَةٍ - أُسْطُوَانَةٌ مِنْ أَسَاطِينِ الْبَيْتِ، فَأُخْرِجَتْ، وَجِيءَ بِأُخْرَى، لِيُدْخِلُوهَا مَكَانَهَا فَطَالَتْ عَنِ الْمَوْضِعِ، وَأَدْرَكَهُمُ اللَّيْلُ، وَالْكَعْبَةُ لَا تُفْتَحُ لَيْلًا، فَتَرَكُوهَا لِيَعُودُوا مِنْ غَدٍ، فَيُصْلِحُوهَا، فَجَاءُوا مِنْ غَدٍ، فَأَصَابُوهَا أَقْوَمَ مِنْ قِدْحٍ - بِكَسْرِ الْقَافِ - أَيْ سَهْمٍ.

(مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: (أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ) التَّيْمِيَّ الْمَدَنِيَّ أَخَا الْقَاسِمِ، مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ قُتِلَ بِوَقْعَةِ الْحِرَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، (أَخْبَرَ) هُوَ (عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ) ، قَالَ الْحَافِظُ: بِنَصْبِ " عَبْدَ " عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ سَالِمًا كَانَ حَاضِرًا لِذَلِكَ، فَتَكُونُ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ أَبُو أُوَيْسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، لَكِنَّهُ سَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَوَهِمَ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَغْرَبَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، فَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ، وَالْمَحْفُوظُ الْأَوَّلُ، وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ، لَكِنَّهُ اخْتَصَرَهُ.

وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَائِشَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>