للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ مَا أُبَالِي أَصَلَّيْتُ فِي الْحِجْرِ أَمْ فِي الْبَيْتِ

ــ

٨١٤ - ٨٠٤ - (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: مَا أُبَالِي أَصَلَّيْتُ فِي الْحِجْرِ أَمْ فِي الْبَيْتِ) ، لِأَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْجِدَارِ أَيِ الْحِجْرِ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ.

قَالَ الْحَافِظُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحِجْرَ كُلَّهُ مِنَ الْبَيْتِ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ابْنُ عَبَّاسٍ، كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَلِلتِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَأَبِي عَوَانَةَ بِطُرُقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " «كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ فِي الْبَيْتِ فَأَخَذَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِي، وَأَدْخَلَنِي الْحِجْرَ، فَقَالَ: صَلِّي فِيهِ فَإِنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الْبَيْتِ، وَلَكِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوهُ حِينَ بَنَوُا الْكَعْبَةَ، فَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْبَيْتِ» "، وَلِأَحْمَدَ عَنْهَا: " أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى شَيْبَةَ الْحَجَبِيِّ لِيَفْتَحَ لَهَا الْبَيْتَ بِاللَّيْلِ، فَقَالَ: مَا فَتَحْنَاهُ فِي جَاهِلِيَّةٍ، وَلَا إِسْلَامٍ بِلَيْلٍ "، وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا مُطْلَقَةٌ، وَجَاءَتْ رِوَايَاتٌ أَصَحُّ مِنْهَا مُقَيَّدَةً مِنْهَا: لِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ حَتَّى أُزِيدَ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ، وَلَهُ أَيْضًا: أَرَاهَا قَرِيبًا مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ.

وَلَهُ أَيْضًا: وَزِدْتُ فِيهَا مِنَ الْحِجْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ.

وَلِلْبُخَارِيِّ أَنَّ جَرِيرَ بْنَ حَازِمٍ حَزَرَهُ سِتَّةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا.

وَفِي جَامِعِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ: فِيهَا سِتَّةُ أَذْرُعٍ مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ.

وَفِي رِوَايَةٍ: سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَشَيْءٍ، وَهَكَذَا ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَدَدٍ لَقِيَهُمْ مِنْ عُلَمَاءَ قُرَيْشٍ، كَمَا فِي الْمَعْرِفَةِ لِلْبَيْهَقِيِّ، وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا تَجْتَمِعُ عَلَى أَنَّهَا فَوْقَ السِّتِّ وَدُونَ السَّبْعَةِ.

وَأَمَّا رِوَايَةُ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ، مَرْفُوعًا عِنْدَ مُسْلِمٍ: لَكُنْتُ أُدْخِلُ فِيهَا مِنَ الْحِجْرِ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ، فَهِيَ شَاذَّةٌ وَالرِّوَايَاتُ السَّابِقَةُ أَرْجَحُ لِمَا فِيهَا مِنَ الزِّيَادَةِ عَنِ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظِ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ لِرِوَايَةِ عَطَاءٍ وَجْهًا، وَهُوَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا مَا عَدَا الْفُرْجَةِ الَّتِي بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْحِجْرِ، فَيَجْتَمِعُ مِنَ الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى، فَإِنَّ الَّذِي عَدَّ الْفُرْجَةَ أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ وَشَيْءٍ، وَلِهَذَا وَقَعَ عِنْدَ الْفَاكِهِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ: " وَلَأَدْخَلْتُ فِيهَا مِنَ الْحِجْرِ أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ "، فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى إِلْغَاءِ الْكَسْرِ، وَرِوَايَةُ عَطَاءٍ عَلَى جَبْرِهِ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا بِذَلِكَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ سَبَقَنِي إِلَى ذَلِكَ، وَهَذَا الْجَمْعُ أَوْلَى مِنْ دَعْوَى الِاضْطِرَابِ وَالطَّعْنِ فِي الرِّوَايَاتِ الْمُقَيَّدَةِ لِأَجْلِ الِاضْطِرَابِ، كَمَا جَنَحَ إِلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الِاضْطِرَابِ أَنْ تَتَسَاوَى الْوُجُوهُ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ التَّرْجِيحُ، أَوِ الْجَمْعُ، وَلَمْ يَتَعَذَّرْ هُنَا فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا هِيَ قَاعِدَةُ مَذْهَبِهِمَا، فَإِنَّ إِطْلَاقَ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْبَعْضِ سَائِغٌ مَجَازًا، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمُطْلَقَةَ مُتَوَارِدَةٌ عَلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ قُرَيْشًا قَصَّرُوا عَنْ بِنَاءِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>