وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ يَسْعَى الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ يَقُولُ
اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَا ... وَأَنْتَ تُحْيِي بَعْدَ مَا أَمَتَّا
يَخْفِضُ صَوْتَهُ بِذَلِكَ
ــ
٨١٨ - ٨٠٨ - (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ: أَنَّ أَبَاهُ كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ يَسْعَى) ، أَيْ يُسْرِعُ الْمَشْيَ، أَيْ يَرْمُلُ (الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ) الْأُوَلَ، جَمْعُ شَوْطٍ - بِفَتْحِ الشِّينِ - وَهُوَ الْجَرْيُ مَرَّةً إِلَى الْغَايَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الطَّوْفَةُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، وَفِيهِ جَوَازُ تَسْمِيَةِ الطَّوْفَةِ شَوْطًا، وَنُقِلَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالشَّافِعِيِّ كَرَاهَتُهُ (يَقُولُ) : اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَا وَأَنْتَ تُحْيِي بَعْدَمَا أَمَتَّا هَذَا بَيْتٌ فِيهِ زِحَافُ الْخَزْمِ بِمُعْجَمَتَيْنِ، وَهُوَ زِيَادَةُ سَبَبٍ خَفِيفٍ فِي أَوَّلِهِ، (يَخْفِضُ صَوْتَهُ بِذَلِكَ) كَيْ لَا يَشْتَغِلَ النَّاسُ بِسَمَاعِهِ عَمَّا هُمْ فِيهِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهَذَا مِنَ الشِّعْرِ الْجَارِي مَجْرَى الذِّكْرِ فَهُوَ حَسَنٌ، وَإِنَّمَا الشِّعْرُ كَلَامٌ؛ فَحَسَنُهُ حَسَنٌ، وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ، وَكَانَ عُرْوَةُ شَاعِرًا، وَالشِّعْرُ دِيوَانُ الْعَرَبِ، وَأَلْسِنَتُهُمْ بِهِ رَطْبَةٌ، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ فِي مِثْلِ هَذَا: يَا فَالِقَ الْإِصْبَاحِ أَنْتَ رَبِّي وَأَنْتَ مَوْلَايَ وَأَنْتَ حَسْبِي فَأَصْلِحَنَّ بِالْيَقِينِ قَلْبِي وَنَجِّنِي مِنْ كَرْبِ يَوْمِ الْكَرْبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute