- (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ قَالَ) مُرْسَلٌ، أَخْرَجَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ) الزُّهْرِيِّ أَحَدِ الْعَشْرَةِ: (كَيْفَ صَنَعْتَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ) كُنْيَتُهُ (فِي اسْتِلَامِ الرُّكْنِ) ، وَكَذَا لِيَحْيَى، وَأَبِي مُصْعَبٍ، وَغَيْرِهِمَا لَمْ يُقَبِّلُوا الْأَسْوَدَ، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَغَيْرُهُ عَنْ هِشَامٍ، وَزَادَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ: وَالْأَكْثَرُ الْأَسْوَدُ، وَفِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ: فِي اسْتِلَامِكَ الْحَجَرَ، فَزَعَمَ ابْنُ وَضَّاحٍ أَنَّ يَحْيَى سَقَطَ مِنْ كِتَابِهِ الْأَسْوَدُ، وَأَمَرَهُ بِإِلْحَاقِهَا فِي كِتَابِ يَحْيَى، وَهُوَ مِمَّا تَسَوَّرَ فِيهِ عَلَى رِوَايَتِهِ، وَهِيَ صَوَابٌ تُوبِعَ عَلَيْهَا، وَالْأَمْرَانِ جَائِزَانِ، أَيْ إِثْبَاتُ لَفْظِ الْأَسْوَدِ، وَحَذْفُهَا، قَالَهُ أَبُو عُمَرَ مُلَخَّصًا.
(فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: اسْتَلَمْتُ) حِينَ قَدَرْتُ، (وَتَرَكْتُ) حِينَ عَجَزْتُ، فَفِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَتَى الرُّكْنَ، فَوَجَدَهُمْ يَزْدَحِمُونَ عَلَيْهِ اسْتَقْبَلَهُ، وَكَبَّرَ وَدَعَا، ثُمَّ طَافَ فَإِذَا وَجَدَ خَلْوَةً اسْتَلَمَهُ.
(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصَبْتَ) ، فَفِي تَصْوِيبِهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي الْمُزَاحَمَةُ.
وَقَدْ رَوَى الْفَاكِهِيُّ مِنْ طُرُقٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَرَاهَتُهَا، وَقَالَ: لَا تُؤْذِي وَلَا تُؤْذَى، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: " قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ: «يَا أَبَا حَفْصٍ إِنَّكَ رَجُلٌ قَوِيٌّ فَلَا تُزَاحِمْ عَلَى الرُّكْنِ، فَإِنَّكَ تُؤْذِي الضَّعِيفَ، وَلَكِنْ إِنْ وَجَدْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ، وَإِلَّا فَكَبِّرْ وَامْضِ» " مُرْسَلٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ: " «سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ عَنِ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ، فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَلِمُهُ، وَيُقَبِّلُهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ زَحَمْتُ، أَرَأَيْتَ إِنْ غَلَبْتُ، قَالَ: اجْعَلْ أَرَأَيْتَ بِالْيَمِينِ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ» "، فَظَاهِرُهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَرَ الزِّحَامَ عُذْرًا فِي تَرْكِ الِاسْتِلَامِ.
وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُزَاحِمُ عَلَى الرُّكْنِ حَتَّى يُدْمَى.
وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى أَنَّهُ قِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: هَوِيَتِ الْأَفْئِدَةُ إِلَيْهِ، فَأُرِيدُ أَنْ يَكُونَ فُؤَادِي مَعَهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute