وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ أَنَّهُ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ الْبَيْتَ يَخْلُو بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ مَا يَطُوفُ بِهِ أَحَدٌ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ بَعْضَ أُسْبُوعِهِ ثُمَّ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ أَوْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ يَبْنِي عَلَى مَا طَافَ حَتَّى يُكْمِلَ سُبْعًا ثُمَّ لَا يُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَوْ تَغْرُبَ قَالَ وَإِنْ أَخَّرَهُمَا حَتَّى يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَطُوفَ الرَّجُلُ طَوَافًا وَاحِدًا بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ لَا يَزِيدُ عَلَى سُبْعٍ وَاحِدٍ وَيُؤَخِّرُ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ كَمَا صَنَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَيُؤَخِّرُهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ صَلَّاهُمَا إِنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهُمَا حَتَّى يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ
ــ
٨٢٨ - ٨١٨ - (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ الْبَيْتَ يَخْلُو بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ مَا يَطُوفُ بِهِ أَحَدٌ) ، هَذَا إِخْبَارٌ عَنْ مُشَاهَدَةٍ مِنْ ثِقَةٍ، لَا إِخْبَارٌ عَنْ حُكْمٍ، فَسَقَطَ قَوْلُ أَبِي عُمَرَ، هَذَا خَبَرٌ مُنْكَرٌ رَفَعَهُ مَنْ رَأَى الطَّوَافَ بَعْدَهُمَا، وَتَأْخِيرَهُ الصَّلَاةَ كَمَالِكٍ وَمُوَافَقِيهِ، وَمَنْ رَأَى الطَّوَافَ وَالصَّلَاةَ مَعًا بَعْدَهُمَا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَرِهَ الثَّوْرِيُّ، وَالْكُوفِيُّونَ الطَّوَافَ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَالصُّبْحِ، فَإِنْ فُعِلَ فَلْتُؤَخَّرِ الصَّلَاةُ، قَالَ الْحَافِظُ: وَلَعَلَّ هَذَا عِنْدَ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ، وَإِلَّا فَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الطَّوَافَ لَا يُكْرَهُ، وَإِنَّمَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرْ: رَخَّصَ بِالصَّلَاةِ بَعْدَ الطَّوَافِ فِي كُلِّ وَقْتٍ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ أَخْذًا بِعُمُومِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَطَائِفَةٌ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " «كُنَّا نَطُوفُ فَنَمْسَحُ الرُّكْنَ الْفَاتِحَةَ وَالْخَاتِمَةَ، وَلَمْ نَكُنْ نَطُوفُ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ، قَالَ: وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ» "، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ: " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ مَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا، فَلَا يَمْنَعَنَّ أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ، وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ» "، وَبَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ عُمُومٌ، وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، فَهَذَا عَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَوْقَاتِ خَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَكَانِ، وَأَحَادِيثُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ عَامَّةٌ فِي الْمَكَانِ خَاصَّةٌ فِي الْأَوْقَاتِ، وَمَتَى كَانَ الدَّلِيلَانِ كَذَلِكَ لَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ إِلَّا بِدَلِيلٍ آخَرَ، وَحَدِيثُ: إِلَّا بِمَكَّةَ ضَعَّفَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: حَدِيثٌ سَاقِطٌ لَا يُشْتَغَلُ بِهِ، وَلَمْ يُورِدْهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ.
(قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ بَعْضَ أُسْبُوعِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ، أَوْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَإِنَّهُ) يَقْطَعُ وُجُوبًا، وَيُسْتَحَبُّ كَمَالُ الشَّوْطِ (يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ، ثُمَّ يَبْنِي عَلَى مَا طَافَ) فَيُتِمُّهُ (حَتَّى يُكْمِلَ سُبْعًا، ثُمَّ لَا يُصَلِّي) رَكْعَتَيْهِ (حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ) ، وَيَرْتَفِعَ قَدْرَ رُمْحٍ، (أَوْ) حَتَّى (تَغْرُبَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute