أَعْمَالِ الْحَجِّ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ مِنَ الْحَجِّ، فَيَكُونُ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَفْضَلُ، قَالَ: وَأَمَّا حَدِيثُ «الْحَجُّ عَرَفَةُ» ، فَلَا يَتَعَيَّنُ أَنَّ التَّقْدِيرَ مُعْظَمُ الْحَجِّ عَرَفَةُ، بَلْ يَجُوزُ إِدْرَاكُ الْحَجِّ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ سَلِمَ فَمَا لَا يَقُومُ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ أَفْضَلُ مِمَّا يَنْجَبِرُ، وَالْوُقُوفُ، وَالطَّوَافُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فَلَا تَفْضِيلَ، فَالْكَلَامُ وَإِنْ جَازَ لِلطَّائِفِ لَكِنْ يَنْبَغِي تَجَنُّبُهُ فِيمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَأَنْ يَكُونَ الطَّائِفُ خَاضِعًا حَاضِرَ الْقَلْبِ مُلَازِمًا لِلْأَدَبِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.
وَرَوَى الْأَزْرَقِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ، قَالَ: كُنْتُ فِي الْحِجْرِ تَحْتَ الْمِيزَابِ، فَسَمِعْتُ مِنْ تَحْتِ الْأَسْتَارِ: إِلَى اللَّهِ أَشْكُو، وَإِلَيْكَ يَا جِبْرِيلُ مَا أَلْقَى مِنَ النَّاسِ مِنْ تَفَكُّهِهِمْ حَوْلِي فِي الْكَلَامِ.
(قَالَ مَالِكٌ: لَا يَطُوفُ أَحَدٌ بِالْبَيْتِ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ) مُتَوَضٍّ وُجُوبًا فِي الطَّوَافِ، وَاسْتِحْبَابًا فِي السَّعْيِ، وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ، وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ، فَقَالُوا: لَا يَجِبُ فِي الطَّوَافِ، وَمِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ لَمَّا حَاضَتْ: " «غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطَّهَّرِي» " - بِفَتْحِ التَّاءِ، وَالطَّاءِ، وَالْهَاءِ - الْمُشَدَّدَتَيْنِ بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، وَأَصْلُهُ: تَتَطَهَّرِي، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ: " حَتَّى تَغْتَسِلِي "، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي نَهْيِ الْحَائِضِ عَنِ الطَّوَافِ حَتَّى يَنْقَطِعَ دَمُهَا وَتَغْتَسِلَ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ فِي الْعِبَادَاتِ يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي بُطْلَانَ الطَّوَافِ لَوْ فَعَلَتْهُ، وَفِي مَعْنَى الْحَائِضِ الْجُنُبِ وَالْمُحْدِثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute