للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَهُوَ عَلَى الصَّفَا يَدْعُو يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠] وَإِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ وَإِنِّي أَسْأَلُكَ كَمَا هَدَيْتَنِي لِلْإِسْلَامِ أَنْ لَا تَنْزِعَهُ مِنِّي حَتَّى تَتَوَفَّانِي وَأَنَا مُسْلِمٌ

ــ

٨٣٧ - ٨٢٧ - (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَهُوَ عَلَى الصَّفَا يَدْعُو، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠] ) ، فَحَمَلَ الدُّعَاءَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنَ الطَّلَبِ، لَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعِبَادَةُ، وَوَجْهُ الرَّبْطِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [غافر: ٦٠] أَنَّ الدُّعَاءَ أَخَصُّ مِنَ الْعِبَادَةِ، فَمَنِ اسْتَكْبَرَ عَنْهَا اسْتَكْبَرَ عَنِ الدُّعَاءِ، فَالْوَعِيدُ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ تَرَكَهُ اسْتِكْبَارًا، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَفَرَ، (وَإِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) كَمَا قُلْتَ، (وَإِنِّي أَسْأَلُكَ كَمَا هَدَيْتَنِي لِلْإِسْلَامِ أَنْ لَا تَنْزِعَهُ مِنِّي حَتَّى تَتَوَفَّانِي وَأَنَا مُسْلِمٌ) ، تَتْمِيمًا لِنِعْمَتِكَ الْعَظِيمَةِ، لِأَفُوزَ بِالْجَنَّةِ، وَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ.

قَالَ أَبُو عُمَرَ: فِيهِ التَّأَسِّي بِإِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: ٣٥] (سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: الْآيَةُ ٣٥) ، وَبِيُوسُفَ فِي قَوْلِهِ: {تَوَفَنِّي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: ١٠١] (سُورَةُ يُوسُفَ: الْآيَةُ ١٠١) ، وَبِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ: " «وَإِذَا أَرَدْتَ، أَوْ أَدَرْتَ بِالنَّاسِ فِتْنَةً، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ» " قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: لَا يَأْمَنُ الْفِتْنَةَ وَالِاسْتِدْرَاجَ إِلَّا مَفْتُونٌ، وَلَا نِعْمَةً أَفْضَلُ مِنْ نِعْمَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِ تَزْكُو الْأَعْمَالُ، انْتَهَى.

وَأَرَدْتُ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الدَّالِ مِنَ الْإِرَادَةِ، وَبِتَأْخِيرِهَا عَنِ الدَّالِ مِنَ الْإِدَارَةِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْحَدِيثَ رُوِيَ بِالْوَجْهَيْنِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الدُّعَاءِ لَا أَنَّهَا شَكٌّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>