وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: إِنَّهُ تَطَوُّعٌ.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: لَا حُجَّةَ لِمَنْ قَالَ إِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} [البقرة: ١٨٤] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ١٨٤) ، لِأَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى أَصْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، لَا إِلَى خُصُوصِ السَّعْيِ، لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ التَّطَوُّعَ بِالسَّعْيِ لِغَيْرِ الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " قَالَتِ الْأَنْصَارُ: إِنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ "، وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ صَنَمٌ بِالصَّفَا يُدْعَى إِسَافٌ، وَوَثَنٌ بِالْمَرْوَةِ يُدْعَى نَائِلَةَ، فَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَسْعَوْنَ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ رَمَى بِهِمَا، وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَصْنَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ أَجْلِ أَوْثَانِهِمْ، فَأَمْسَكُوا عَنِ السَّعْيِ بَيْنَهُمَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ.
وَذَكَرَ الْوَاحِدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، وَزَادَ فِيهِ: يَزْعُمُ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّهُمَا زَنَيَا فِي الْكَعْبَةِ، فَمُسِخَا حَجَرَيْنِ، فَوُضِعَا عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيُعْتَبَرَ بِهِمَا، فَلَمَّا طَالَتِ الْمُدَّةُ عُبِدَا.
وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِمُبَاحَثَةِ الصَّغِيرِ لِلْكَبِيرِ، وَاسْتِنْبَاطِهِ بِحُضُورِهِ مِنَ الْقُرْآنِ، وَتَعْبِيرِهِ بِلَفْظِ: أَرَأَيْتَ، وَلَفْظِ: مَا أَرَى؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ لَمْ تُنْكِرْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّفْسِيرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَبُو دَاوُدَ هُنَا عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، الْأَرْبَعَةُ عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ بِنَحْوِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَتَابَعَهُ فِي شَيْخِهِ هِشَامُ بْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا بِنَحْوِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute