للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِأَنْ يَذْبَحَ فِيهِ، وَيَتَصَدَّقَ بِهِ، (أَوْ كَفَّارَةٌ) عَطْفٌ عَلَى جَزَاءٍ (طَعَامُ مَسَاكِينَ) بَدَلَ مِنْهُ، أَوْ تَقْدِيرُهُ هِيَ طَعَامٌ، وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ: (كَفَّارَةُ) بِلَا تَنْوِينٍ، وَ (طَعَامِ) بِالْخَفْضِ عَلَى الْإِضَافَةِ، لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَمَّا تَنَوَّعَتْ إِلَى تَكْفِيرٍ بِالطَّعَامِ، وَتَكْفِيرٍ بِالْجُزْءِ الْمُمَاثِلِ، وَتَكْفِيرٍ بِالصِّيَامِ حَسُنَتْ إِضَافَتُهَا لِأَحَدِ أَنْوَاعِهَا تَبْيِينًا لِذَلِكَ، وَالْإِضَافَةُ تَكُونُ بِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ.

{أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: ٩٥] ، أَيْ أَوْ مَا سَاوَاهُ مِنَ الصَّوْمِ، فَيَصُومُ عَنْ طَعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ يَوْمًا، (فَمِمَّا يُحْكَمُ بِهِ فِي الْهَدْيِ شَاةٌ) ، لِأَنَّ النَّعَمَ اسْمٌ لِلْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ، (وَقَدْ سَمَّاهَا اللَّهُ هَدْيًا) بِقَوْلِهِ: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] (سُورَةُ الْمَائِدَةِ: الْآيَةُ ٩٥) ، وَهَذَا مِنْ بَدِيعِ الِاسْتِنْبَاطِ وَالْفِقْهِ.

(وَذَلِكَ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا) بِالْمَدِينَةِ، (وَكَيْفَ يَشُكُّ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ، وَكُلُّ شَيْءٍ) مِنَ الْجَزَاءِ (لَا يَبْلُغُ أَنْ يُحْكَمَ فِيهِ بِبَعِيرٍ، أَوْ بَقَرَةٍ، فَالْحُكْمُ فِيهِ شَاةٌ) ، إِذْ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِأَزْيَدَ مِمَّا لَزِمَهُ، فَهِيَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مُقَوِّيَةٌ لِلِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ، أَوِ التَّعَجُّبِيِّ، (وَمَا لَا يَبْلُغُ أَنْ يُحْكَمَ فِيهِ بِشَاةٍ، فَهُوَ كَفَّارَةٌ مِنْ صِيَامٍ، أَوْ إِطَعَامِ مَسَاكِينَ) ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: أَحْسَنَ مَالِكٌ فِي احْتِجَاجِهِ هَذَا، وَأَتَى بِمَا لَا مَزِيدَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ حُسْنًا، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>