للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَدِمْتُ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَوْ كُنْتُ مَعَكَ، أَوْ سَأَلْتَنِي لَأَمَرْتُكَ أَنْ تَقْرِنَ) - بِضَمِّ الرَّاءِ، وَكَسْرِهَا - أَيْ لَأَعْلَمْتُكَ بِإِبَاحَةِ ذَلِكَ، وَأَنَّ الْقِرَانَ مِثْلُ التَّمَتُّعِ، (فَقَالَ الْيَمَانِيُّ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ) الَّذِي أَخْبَرْتُكَ مِنَ التَّمَتُّعِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ: مَعْنَاهُ قَدْ فَاتَنِي الَّذِي تَقُولُ، لِأَنِّي طُفْتُ وَسَعَيْتُ لِلْعُمْرَةِ، فَمَاذَا عَلَيَّ الْحِلَاقُ، أَوِ التَّقْصِيرُ؟ (فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: خُذْ مَا تَطَايَرَ) ، أَيِ ارْتَفَعَ (مِنْ) شَعْرِ (رَأْسِكَ) ، أَيْ قَصِّرْ، (وَأَهْدِ) لِلتَّمَتُّعِ، (فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ: مَا هَدْيُهُ) بِفَتْحٍ، فَسُكُونٍ فَتَحْتِيَّةٍ خَفِيفَةٍ، وَبِكَسْرِ الدَّالِ، وَشَدِّ التَّحْتِيَّةِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ: هُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ مِمَّا يُهْدَى لِلَّهِ تَعَالَى، (يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالَ: هَدْيُهُ، فَقَالَتْ لَهُ: مَا هَدْيُهُ) بِالتَّثْقِيلِ وَالتَّخْفِيفِ فِيهِمَا أَيْضًا، وَاحِدَةُ الْهَدْيِ مَا يُهْدَى إِلَى الْحَرَمِ مِنَ النَّعَمِ بِالتَّثْقِيلِ، وَالْخِفَّةِ أَيْضًا، وَقِيلَ: الْمُثْقَلُ جَمْعُ الْمُخَفَّفِ، أَجْمَلَ الْهَدْيَ أَوَّلًا، وَثَانِيًا رَجَاءَ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِالْأَفْضَلِ، فَلَمَّا اضْطُرَّ لِلْكَلَامِ صَرَّحَ، (فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَوْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا أَنْ أَذْبَحَ شَاةً، لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصُومَ) ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ أَوَّلًا مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً، إِمَّا لِأَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ، أَوْ لِأَنَّهُ قُيِّدَ بِعَدَمِ الْوُجُودِ، فَمَنْ وَجَدَ الْبَقَرَةَ، أَوِ الْبَدَنَةَ فَهُوَ أَفْضَلُ لَهُ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ: الصِّيَامُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الشَّاةِ، لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ عُمَرَ تَفْضِيلُ إِرَاقَةِ الدِّمَاءِ فِي الْحَجِّ عَلَى سَائِرِ الْأَعْمَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>