للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جِهَةَ عَرَفَةَ، وَالْعَلَمَيْنِ الْكَبِيرَيْنِ جِهَةَ مِنًى.

(وَالْمُزْدَلِفَةُ) الْمَكَانُ الْمَعْرُوفُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُتَقَرَّبُ فِيهَا مِنْ زَلَفَ إِذَا تَقَرَّبَ، وَقِيلَ: لِمَجِيءِ النَّاسِ إِلَيْهَا فِي زَلَفٍ مِنَ اللَّيْلِ: أَيْ سَاعَاتٍ، وَالْمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مِنَ الْحَرَمِ (كُلُّهَا مَوْقِفٌ) ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ: " «قَدْ وَقَفْتُ هَهُنَا وَمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» " (وَارْتَفَعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرِ) - بِكَسْرِ السِّينِ مُشَدَّدَةٌ - بَيْنَ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ فِيلَ أَبْرَهَةَ كَلَّ فِيهِ وَأَعْيَا، فَحُسِرَ أَصْحَابُهُ بِفِعْلِهِ، وَأَوْقَفَهُمْ فِي الْحَسَرَاتِ، وَإِضَافَتُهُ لِلْبَيَانِ كَشَجَرِ أَرَاكٍ، وَبَقِيَّةُ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الْمَذْكُورَةِ عَقِبَ هَذَا: وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، وَفِجَاجُ مَكَّةَ كُلُّهَا مَنْحَرٌ; فَفِي أَيِّ مَحِلٍّ وَقَفَ أَجْزَأَ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ أَنْ يَقِفَ عِنْدَ الصَّخْرَاتِ الَّتِي وَقَفَ عِنْدَهَا صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَمَّا مَا اشْتُهِرَ عِنْدَ الْعَوَامِّ مِنْ الِاعْتِنَاءِ بِصُعُودِ الْجَبَلِ، وَتَوَهُّمِهِمْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوُقُوفُ إِلَّا فِيهِ فَغَلَطٌ، بَلِ الصَّوَابُ جَوَازُ الْوُقُوفِ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَرْضِ عَرَفَاتٍ، وَأَنَّ الْفَضِيلَةَ فِي مَوْقِفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الصَّخْرَاتِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ، فَلْيَقْرُبْ مِنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ جَاءَ أَيْضًا مَوْصُولًا، عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: " «وَقَفْتُ هَهُنَا وَعَرَفَاتٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَوَقَفْتُ هَهُنَا وَجَمْعُ كُلِّهَا مَوْقِفٌ» "، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ، وَالدَّيْلَمِيُّ بِرِجَالٍ ثِقَاتٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَرْفُوعًا: " «عَرَفَاتٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَارْتَفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ، وَمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَارْتَفَعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>