للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَةِ الْمُزْدَلِفَةِ، وَلَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ) ، فَلَهُ التَّحَلُّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ.

(وَمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ مِنْ لَيْلَةِ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ، فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ) فَفِي فَحْوَى كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْوُقُوفَ نَهَارًا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَنَّ الْوُقُوفَ الرُّكْنَ إِنَّمَا هُوَ الْوُقُوفُ بِاللَّيْلِ، وَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّهُ إِذَا وَقَفَ أَيَّ جُزْءٍ مِنْ زَوَالِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى طُلُوعِ فَجْرِ النَّحْرِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَفِي التِّرْمِذِيِّ صَحِيحًا مَرْفُوعًا: " «مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هَذِهِ؛ أَيِ الصُّبْحَ وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ، وَوَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ» ".

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ: لَيْسَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ مِنَ الْغُرُوبِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَمَا قَبْلَهُ مِنَ الزَّوَالِ إِلَى الْغُرُوبِ تُطَوُّعًا، وَيُكَلِّفُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّتَهُ الْوُقُوفَ مِنَ الزَّوَالِ إِلَى الْمَغْرِبِ، مَعَ كَثْرَةِ مَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ فِيمَا لَمْ يُفْرَضْ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَكُونُ حَظُّهُ مِنَ الْفَرْضِ لِمَا دَخَلَ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ الِانْصِرَافَ لَا مَا سِوَاهُ، فَإِنَّ الْأَحَادِيثَ جَاءَتْ أَنَّهُ لَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ دَفَعَ وَلَمْ يَقِفْ، وَيَكُونُ الْفَرْضُ الْمَشْيُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الْمَحِلِّ، وَالْوُقُوفُ عِبَادَةٌ يُؤْتَى بِهَا عَلَى صِفَةِ مَا أَتَى بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ أَتَى بِالنَّاسِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ مَعَالِمَ دِينِهِمْ، وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ فَرَضَ عَلَيْهِمُ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ، وَأَتَوْا لِامْتِثَالِ مَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ الْمُبَيِّنُ لِلْأُمَّةِ، فَلَوْ كَانَ فِي تَطَوُّعٍ وَالْفَرْضُ مِنَ الْغُرُوبِ لَبَيَّنَهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ يُفْهَمُ مِنْ مُجَرَّدِ فِعْلِهِ أَنَّهُ كَانَ فِي تَطَوُّعٍ، بَلِ الْمَفْهُومُ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي امْتِثَالِ مَا أُمِرُوا بِهِ وَأَتَوْا إِلَيْهِ.

(قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يُعْتَقُ فِي الْمَوْقِفِ بِعَرَفَةَ: فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ عَنْهُ مِنْ) ، أَيْ بَدَلِ (حَجَّةِ الْإِسْلَامِ) ؛ لِأَنَّ إِحْرَامَهُ فِي وَقْتِ عَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ، فَهُوَ نَفْلٌ يَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامُهُ، (إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يُحْرِمْ فَيُحْرِمُ بَعْدَ أَنْ يُعْتَقَ، ثُمَّ يَقِفُ بِعَرَفَةَ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَجْزَأَ عَنْهُ) حَجَّةَ الْإِسْلَامِ إِذَا نَوَاهَا، (وَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ إِذَا لَمْ يُدْرِكِ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ الْمُزْدَلِفَةِ) ، فَيَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>