(قَالَ مَالِكٌ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: وَالنَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ) أَيْ أَرْفَعُ مِنْهُ فِي السُّرْعَةِ، وَكَذَا بَيَّنَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةٍ كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ: أَنَّ التَّفْسِيرَ مِنْ كَلَامِهِ، وَأَدْرَجَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَسُفْيَانُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَوَكِيعٌ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَعِنْدَ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَّ التَّفْسِيرَ مِنْ وَكِيعٍ، وَعِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ مِنْ سُفْيَانَ، وَهُمَا إِنَّمَا أَخَذَاهُ عَنْ هِشَامٍ فَرَجَعَ التَّفْسِيرُ إِلَيْهِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَكْثَرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فَلَمْ يَذْكُرُوا التَّفْسِيرَ، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَكْثَرُ مِنْ مَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ السَّيْرِ فِي الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، وَهُوَ مِمَّا يَلْزَمُ أَئِمَّةَ الْحَاجِّ فَمَنْ دُونَهُمْ فِعْلَهُ لِأَجْلِ الِاسْتِعْجَالِ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّ الْمَغْرِبَ لَا تُصَلَّى إِلَّا مَعَ الْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ، أَيْ فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ الْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ عِنْدَ الزَّحْمَةِ، وَبَيْنَ الْإِسْرَاعِ عِنْدَ عَدَمِهَا لِأَجْلِ الصَّلَاةِ.
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ، قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ نَاقَتَهُ رَافِعَةً يَدَيْهَا حَتَّى أَتَى جَمْعًا مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ الزِّحَامِ دُونَ غَيْرِهِ، يُشِيرُ إِلَى مَا رَوَاهُ هُوَ وَأَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ: " «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْدَفَهُ حِينَ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ، وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالْإِيجَافِ، قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ نَاقَتَهُ رَافِعَةً يَدَيْهَا حَتَّى أَتَى جَمْعًا» "، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَيْسَ فِيهِ أُسَامَةُ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ قَالَ: فَمَا زَالَ يَسِيرُ عَلَى هَنِيَّتِهِ حَتَّى أَتَى جَمْعًا، وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّمَا أَخَذَهُ عَنْ أُسَامَةَ، وَرُجِّحَ فِي الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَحْرِصُونَ عَلَى السُّؤَالِ عَنْ كَيْفِيَّةِ أَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَمِيعِ حَرَكَاتِهِ وَسُكُونِهِ لِيَقْتَدُوا بِهِ فِي ذَلِكَ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَبُو دَاوُدَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْقَاسِمِ، الثَّلَاثَةُ عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَوَكِيعٌ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عِنْدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ، الْعَشَرَةُ عَنْ هِشَامٍ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute