وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ «أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ فَقَالَ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ»
ــ
٨٩٧ - ٨٨٣ - (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ) أُخْتِهِ (حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا شَأْنُ) أَيْ أَمْرُ وَحَالُ (النَّاسِ حَلُّوا) هَكَذَا لِيَحْيَى اللَّيْثِيِّ النَّيْسَابُورِيِّ وَابْنِ بُكَيْرٍ وَالْقَعْنَبِيِّ وَأَبِي مُصْعَبٍ وَغَيْرِهِمْ، وَزَادَ التِّنِّيسِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَابْنُ وَهْبٍ: بِعُمْرَةٍ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، أَيْ أَنَّ إِحْرَامَهُمْ بِعُمْرَةٍ كَانَ سَبَبًا لِسُرْعَةِ حَلِّهِمْ (وَلَمْ تَحْلِلْ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَكَسْرِ ثَالِثِهِ (أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي) بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْمُوَحَّدَةِ الثَّقِيلَةِ، مِنَ التَّلْبِيدِ، وَهُوَ جَعْلُ شَيْءٍ فِيهِ مِنْ نَحْوِ صَمْغٍ لِيَجْتَمِعَ الشَّعْرُ وَلَا يَدْخُلَ فِيهِ قَمْلٌ (وَقَلَّدْتُ هَدْيِي) : عَلَّقْتُ شَيْئًا فِي عُنُقِهِ لِيُعْلَمَ (فَلَا أَحِلُّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَالرَّفْعِ، مِنْ إِحْرَامِي (حَتَّى أَنْحَرَ) الْهَدْيَ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ، وَمَنْ وَافَقَهُمَا عَلَى أَنَّ مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ لَا يَحِلُّ مِنَ الْعُمْرَةِ حَتَّى يُهِلَّ بِالْحَجِّ، وَيَفْرَغَ مِنْهُ، لِأَنَّهُ جَعَلَ عِلَّةَ بَقَائِهِ عَلَى إِحْرَامِهِ كَوْنَهُ أَهْدَى، وَكَذَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ، وَالْأَحَادِيثُ بِذَلِكَ مُتَظَاالفِرَةٌ.
وَأَجَابَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ السَّبَبَ فِي عَدَمِ تَحَلُّلِهِ مِنَ الْعُمْرَةِ، كَوْنُهُ أَدْخَلَهَا عَلَى الْحَجِّ، وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَدَ الْحَجَّ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَيْسَ لِمَنْ قَالَ كَانَ مُفْرِدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ انْفِصَالٌ، لِأَنَّهُ إِنْ قَالَ بِهِ أُشْكِلَ عَلَيْهِ بِتَعْلِيلِهِ عَدَمُ التَّحَلُّلِ بِسَوْقِ الْهَدْيِ، لِأَنَّ التَّحَلُّلَ يَمْتَنِعُ عَلَى مَنْ كَانَ قَارِنًا عِنْدَهُ، وَجَنَحَ الْأَصِيلِيُّ وَغَيْرُهُ إِلَى تَوْهِيمِ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: " «وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ» "، وَأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ غَيْرُهُ.
وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ انْفِرَادِهِ بِأَنَّهَا زِيَادَةُ حَافِظٍ، فَيَجِبُ قَبُولُهَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ، فَقَدْ تَابَعَهُ أَيُّوبُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَهُمَا مَعَ مَالِكٍ حُفَّاظُ أَصْحَابِ نَافِعٍ، انْتَهَى.
وَرِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ مُسْلِمٍ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَمُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ نَافِعٍ بِدُونِهَا.
وَفِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ: " «فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَحِلَّ مِنَ الْحَجِّ» ، وَلَا تُنَافِي هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute