للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا إِذْ ذَاكَ بِشَيْءٍ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: ظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ يَوْمًا لَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَادَةً لَهُ وَإِنْ كَانَ أَهْلُ بَيْتِهِ مَعْرُوفِينَ بِذَلِكَ، قَالَ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَخَّرَهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ لَا أَنَّهُ أَخَّرَهَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ.

قَالَ الْحَافِظُ: وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ اللَّيْثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ، وَلَفْظُهُ: " أَخَّرَ الْعَصْرَ شَيْئًا " وَبِهِ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ ذِكْرِ عُرْوَةَ حَدِيثَ عَائِشَةَ بَعْدَ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ، وَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ: أَمْسَى عُمَرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ قَارَبَ الْمَسَاءَ لَا أَنَّهُ دَخَلَ فِيهِ وَقَدْ رَجَعَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ، فَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَعْنِي فِي خِلَافَتِهِ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ فِي السَّاعَةِ الثَّامِنَةِ وَالْعَصْرَ فِي السَّاعَةِ الْعَاشِرَةِ حِينَ تَدَخُلُ (فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ) بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الْأَسَدِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ التَّابِعِيُّ الْكَبِيرُ الثِّقَةُ الْفَقِيهُ الْمَشْهُورُ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ عَلَى الصَّحِيحِ وَمَوْلِدُهُ فِي أَوَائِلِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ (فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ) بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مُعَتِّبٍ الثَّقَفِيَّ الصَّحَابِيَّ الْمَشْهُورَ أَسْلَمَ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ وَوَلِيَ إِمْرَةَ الْبَصْرَةِ ثُمَّ الْكُوفَةِ وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسِينَ عَلَى الصَّحِيحِ.

(أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا) أَيْ: صَلَاةَ الْعَصْرِ، فَلِعَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِلَفْظٍ فَقَالَ: أَمْسَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ (وَهُوَ بِالْكُوفَةِ) وَكَانَ إِذْ ذَاكَ أَمِيرًا عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.

وَلِلْبُخَارِيِّ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ بِالْعِرَاقِ وَتَعَقَّبَهُ الْحَافِظُ بِأَنَّ الَّذِي فِي الْمُوَطَّأِ رِوَايَةَ الْقَعْنَبِيِّ وَغَيْرِهِ، عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ بِالْكُوفَةِ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنْ أَبِي خَلِيفَةَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَالْكُوفَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْعِرَاقِ، فَالتَّعْبِيرُ بِهَا أَخَصُّ مِنَ التَّعْبِيرِ بِهِ.

(فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ) عُقْبَةُ - بِالْقَافِ - ابْنُ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ (الْأَنْصَارِيُّ) الْبَدْرِيُّ صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ مَاتَ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ وَقِيلَ: بَعْدَهَا (فَقَالَ: مَا هَذَا) التَّأْخِيرُ (يَا مُغِيرَةُ؟ أَلَيْسَ) كَذَا الرِّوَايَةُ وَهُوَ اسْتِعْمَالٌ صَحِيحٌ، لَكِنَّ الْأَفْصَحَ وَالْأَكْثَرَ اسْتِعْمَالًا فِي مُخَاطَبَةِ الْحَاضِرِ أَلَسْتَ؟ وَفِي مُخَاطَبَةِ الْغَائِبِ أَلَيْسَ؟ وَتَوْجِيهُ الْأُولَى أَنَّ فِي " لَيْسَ " ضَمِيرَ الشَّأْنِ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ السَّيِّدِ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَالْحَافِظُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَتَعَقَّبَ ذَلِكَ الدَّمَامِينِيُّ بِأَنَّهُ يُوهِمُ جَوَازَ اسْتِعْمَالِ هَذَا التَّرْكِيبِ مَعَ إِرَادَةِ أَنْ يَكُونَ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ضَمِيرُ الْغَائِبِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُمَا تَرْكِيبَانِ مُخْتَلِفَانِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَفْصَحِ مِنَ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَقَامٍ خَاصٍّ، فَإِنْ أُرِيدَ إِدْخَالُ لَيْسَ عَلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ تَعَيَّنَ أَلَسْتَ قَدْ عَلِمْتَ؟ وَإِنْ أُرِيدَ إِدْخَالُهَا عَلَى ضَمِيرِ الشَّأْنِ مُخْبَرًا عَنْهُ بِالْجُمْلَةِ الَّتِي أُسْنِدَ فِعْلُهَا إِلَى الْمُخَاطَبِ تَعَيَّنَ أَلَيْسَ (قَدْ عَلِمْتَ؟) قَالَ عِيَاضٌ: ظَاهِرُهُ عِلْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>