وَالَّذِي عِنْدَنَا فِي رِوَايَةِ يَحْيَى: أَنَّهُ كَمَا رَوَاهُ غَيْرُهُ سَوَاءٌ، وَلَا يُوقَفُ عَلَى اسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ اسْمُهُ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَبُو الْبَدَّاحِ لَقَبٌ غَلَبَ عَلَيْهِ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَمْرٍو، انْتَهَى.
وَكَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَابْنُ حِبَّانَ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَمْرٍو، وَقِيلَ كُنْيَتُهُ: أَبُو بَكْرٍ، وَقِيلَ: أَبُو عُمَرَ، وَيُقَالُ: اسْمُهُ عَدِيٌّ، مَاتَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ فِيمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ عَشْرٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَمْسَةَ عَشَرَ سَنَةً، وَهَذَا يَدْفَعُ زَعْمَ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَيَدْفَعُ قَوْلَ ابْنِ مَنْدَهْ: أَدْرَكَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ) عَاصِمٍ، شَهِدَ أُحُدًا، وَلَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعْمَلَهُ عَلَى قُبَاءٍ، أَوْ عَلَى أَهْلِ الْعَالِيَةِ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ، فَكَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا يُقَالُ: رَدَّهُ مِنَ الرَّوْحَاءِ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: أَنَّهُ عَاشَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَمِائَةً (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ لِرِعَاءِ الْإِبِلِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْمَدِّ، جَمْعُ رَاعٍ (فِي الْبَيْتُوتَةِ) مَصْدَرُ بَاتَ (خَارِجِينَ عَنْ مِنًى يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ) جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ (ثُمَّ يَرْمُونَ الْغَدَ وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ لِيَوْمَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يَرْمُونَ لَهُمَا فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ كَمَا بَيَّنَهُ الْإِمَامُ بَعْدُ (ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ، الِانْصِرَافُ مِنْ مِنًى، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ، لَكِنَّهُ قَالَ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَكَذَا قَالَ رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ، فَكَأَنَّهُمَا نَسَبَا أَبَا الْبَدَّاحِ إِلَى جَدِّهِ، لَكِنِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى سُفْيَانَ، فَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حُرَيْثٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَحْدَهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ، وَلِهَذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ: رِوَايَةُ مَالِكٍ أَصَحُّ.
وَأَمَّا زَعْمُ أَنَّ تَصْحِيحَهُ لِقَوْلِهِ: " ابْنَ عَاصِمٍ "، وَقَوْلُ سُفْيَانَ: " بْنِ عَدِيٍّ "، وَالرَّدُّ عَلَى التِّرْمِذِيِّ بِأَنَّ النِّسْبَةَ إِلَى الْجَدِّ سَائِغٌ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، إِذْ هَذَا لَا يَخْفَى عَلَى التِّرْمِذِيِّ، وَكَوْنُهُ لَمْ يَذْكُرِ الِاخْتِلَافَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute