للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَمَا فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ (أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ) أَيْ تَقَرَّبْ بِهَا، وَهَذَا دَمُ تَخْيِيرٍ اسْتُفِيدَ بِأَوِ الْمُكَرَّرَةِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ، أَوْ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ، وَمَرَّ فِي السَّابِقِ: أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ.

وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: " «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: إِنْ شِئْتَ فَانْسُكْ نَسِيكَةً، وَإِنْ شِئْتَ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَطْعِمُ ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ» "، وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ: " أَوِ انْسُكْ مَا تَيَسَّرَ "، وَلَهُمَا أَيْضًا: " «أَتَجِدُ شَاةً؟ قُلْتُ: لَا» "، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] قَالَ: " «فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، فَنَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً، وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً» "، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْفَاءَ تَدُلُّ عَلَى التَّرْتِيبِ، وَالْآيَةَ وَرَدَتْ لِلتَّخْيِيرِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ التَّخْيِيرَ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ وُجُودِ الشَّاةِ، أَمَّا عِنْدَ عَدَمِهَا فَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يُجْزِئُ إِلَّا لِعَادِمِ الْهَدْيِ، بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ سَأَلَ عَنِ النُّسُكِ، فَإِنْ وَجَدَهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الثَّلَاثِ، وَإِنْ عَدِمَهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>